
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وقاصدًا وحثيثًا، وخاضتْ فيه الفرق على تباينها واختلافها، وصَنَّفتْ فيه الطوائف على تنوع أصنافها، فلا أحد إلا وهو يحدّث نفسه بهذا الشان، ويطلب الوصول فيه إلى حقيقة العرفان، فتراه إما ناظرًا مع نفسه، أو مناظرًا لبني جنسه. وكلٌّ قد اختار لنفسه مذهبًا لا يعتقد الصواب في سواه، ولا يرتضي إلا إيّاه، وكلهم ــ إلا مَن اهتدى بالوحي ــ عن طريق الصواب مصدود، وباب الهدى في وجهه مسدود، قد قَمَّشَ علمًا غير طائل، وارتوى من ماء آجن، قد طاف على أبواب المذاهب، ففاز بأخسِّ الآراء والمطالب، فرح بما عنده من العلم الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وقدّم آراء من أحسن به الظن على الوحي المنزّل والنص المرفوع. حيران يأتمُّ بكل حيران، يحسب كل سراب شرابًا، فهو طول عمره ظمآن، يُنَادى إلى الصواب من مكان بعيد، ويُدعى إلى الهدى فلا يستجيب إلى يوم الوعيد، قد فرح بما عنده من الخيال، وتشبّع بأنواع الباطل وأصناف المُحال، منعه الكفر الذي في صدره ــ وليس هو ببالغه ــ عن الانقياد للهداة المهتدين، ولسان حاله أو قاله يقول: {أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: 53]. فصل ولما كان الكلام في هذا الباب نفيًا وإثباتًا مداره على الخبر عن أسماء الله وصفاته وأفعاله وخلقه وأمره؛ كان أسعدُ الناس بالصواب فيه مَن تلقّى ذلك من مشكاة الوحي المبين، ورغب بعقله وفطرته وإيمانه عن آراء