شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

5897 6

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: ٢

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 51

إلا بالله:

العبد بجملته مخلوق لله جسمه وروحه وصفاته وأفعاله وأحواله، فهو مخلوق من جميع الوجوه، وخُلِق على نشأة وصفة يتمكّن بها من إحداث إراداته وأفعاله، وتلك النشأة بمشيئة الله وقدرته وتكوينه، فهو الذي خلقه وكوّنه كذلك، وهو لم يجعل نفسه كذلك، بل خالقه وبارئه جعله مُحدِثًا لإراداته وأفعاله، وبذلك أمره ونهاه، وأقام عليه حجته، وعرَّضه للثواب والعقاب، فأمَرَه بما هو متمكّن من إحداثه، ونهاه عما هو متمكّن من تركه، ورتّب ثوابه وعقابه على هذه الأفعال والتروك التي مكّنه منها، وأقدره عليها، وناطها به، وفطر خلقه على مدحه وذمّه عليها، مؤمنهم وكافرهم، المقرّ بالشرائع منهم والجاحد بها، فكان مريدًا شائيًا بمشيئة الله له، ولولا مشيئة الله أن يكون شائيًا لكان أعجز وأضعف من أن يجعل نفسه شائيًا (1).

فالربُّ تعالى أعطاه مشيئة وقدرة وإرادة، وعَرَّفه ما ينفعه وما يضره، وأمره أن يجري مشيئته وإرادته وقدرته في الطريق التي يصل بها إلى غاية صلاحه، فأجراها في طريق هلاكه، بمنزلة من أعطى عبده فرسًا يركبها، وأوقفه على طريقي نجاة وهلكة، وقال: أَجْرِها في هذه الطريق. فعدل بها إلى الطريق الأخرى، وأجراها فيها، فغلبته بقوة رأسها، وشدة سيرها، وعزّ عليه ردّها عن جهة جريها، وحيل بينه وبين إدارتها إلى ورائها، مع اختيارها وإرادتها.

فلو قلت: كان ردّها عن طريقها ممكنًا له مقدورًا؛ أصبت.

الصفحة

449/ 490

مرحباً بك !
مرحبا بك !