شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

2510 3

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: ٢

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 51

بين فَعَلَ وأفْعَلَ، وأن الله سبحانه أفْعَلَ، والعبد فَعَلَ، فهو الذي أقام العبد وأضله وأماته، والعبد هو الذي قام وضَلّ ومات. وأما قولكم: إن معنى أنطقه وأضحكه وأبكاه: جَعَل له آلة ينطق بها ويضحك ويبكي؛ فإعطاؤه الآلة وحدها لا يكفي في صدق الفعل بأنه أنطقه وأضحكه، فلو أن رجلًا صمت يومًا كاملًا، فحلف حالف أن الله أنطقه؛ لكان كاذبًا حانثًا، ولو دعوت كافرَيْن إلى الإسلام، فنطق أحدهما بكلمة الشهادة، وسكت الآخر؛ لم يقل أحد قطّ: إن الله قد أنطق الساكت كما أنطق المتكلم، وكلاهما قد أُعْطِي آلة النطق، ومتعلَّق الأمر والنهي والثواب والعقاب: الفعل لا الإفعال. فإن قيل: هل تطردون هذا في جميع أفعال العبد من كفره وزناه وسرقته، فتقولون: إن الله أفعله، وهو الذي فعل، أم تخصون ذلك ببعض الأفعال، فيظهر تناقضكم؟ قيل: ههنا أمران: أمر لغوي، وأمر معنوي، فأما اللغوي: فإن ذلك لا يطّرد في لغة العرب، لا يقولون: أزنى الله الرجل، وأسرقه وأشربه وأقتله؛ إذا جعله يزني ويسرق ويشرب ويقتل، وإن كان في لغتها: أقامه وأقعده وأنطقه وأضحكه وأبكاه وأضله، وقد يأتي هذا مضاعَفًا كفهَّمه وعلَّمه وسيَّره. قال تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [الأنبياء: 79]، فالتفهيم منه سبحانه، والفهم من نبيه سليمان، وكذلك قوله: {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: 65]، فالتعليم منه سبحانه، وكذلك التسيير، والسير والتعلّم من العبد. فهذا المعنى ثابت في جميع الأفعال، فهو سبحانه هو الذي جعل

الصفحة

443/ 490

مرحبا بك !
مرحبا بك !