
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
الباب الثامن عشر
في فَعَل وأفعلَ في القضاء والقدر والكسب، وذكر الفعل والانفعال
ينبغي الاعتناء بكشف هذا الباب، وتحقيق معناه، فبذلك ينحل عن العبد أنواع من ضلالات القدرية والجبرية، حيث لم يعطوا هذا الباب حقه من العرفان.
اعلم أن الربّ تعالى فاعلٌ غير مُنْفعِل، والعبد فاعل مُنْفعِل، وهو في فاعليّته مُنْفعِل للفاعل الذي لا ينفعل بوجه.
فالجبرية شهدت كونه مُنْفعِلًا يجري عليه الحكم بمنزلة الآلة والمحل، وجعلوا حركته بمنزلة حركات الأشجار، ولم يجعلوه فاعلًا إلا على سبيل المجاز، فقام، وقعد، وأكل، وشرب، وصلى، وصام، عندهم بمنزلة: مرض، وأَلِمَ، ومات، ونحو ذلك مما هو فيه مُنْفعِل محض.
والقدرية شهدت كونه فاعلًا محضًا غير مُنْفعِل في فعله.
وكلٌّ من الطائفتين نظر بعين عوراء، وأهل العلم والاعتدال أعطوا كلا المقامين حقه، ولم يبطلوا أحد الأمرين (1) بالآخر، فاستقام لهم نظرهم ومناظرتهم، واستقر عندهم الشرع والقدر في نصابه، وشهدوا وقوع الثواب والعقاب على من هو أولى به.