شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

5905 6

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: ٢

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 51

نعوذ بالله من سوء النظر، في مواقع الخطر. وذهبت طوائف من الضُلّال إلى أن العبد يعصي، والربّ لِمَا يأتي به كاره، فهذا خَبْط في الأحكام الإلهية، ومزاحمة في الربوبية، ولو لم يرد الربُّ من الفجّار ما علمه منهم في أزله لما فطرهم مع علمه بهم، كيف وقد أكمل قواهم، وأمدّهم بالعَدد والعُدد والعتاد، وسَهَّل لهم طريق الحَيْد عن السداد. فإن قيل: فَعَل ذلك بهم ليطيعوه؟ قلنا: أنّى يستقيم ذلك وقد علم أنهم يعصونه، ويهلكون أنفسهم، ويهلكون أولياءه وأنبياءه، ويشقون شقاوة لا يسعدون بعدها أبدًا، ولو علم سيّدٌ عن وحي أو إخبار نبي أنه لو أمدّ عبدَه بالمال لطغى وأبق وقطع الطريق؛ فأمده بالمال زاعمًا أنه يريد منه ابتناء القناطر والمساجد، وهو مع ذلك يقول: أعلم أنه لا يفعل ذلك قطعًا= فهذا السيد مفسدٌ عبده، وليس مصلحًا له باتفاق من أرباب الألباب. فقد زاغت الفئتان، وضلت الفرقتان، واعترضت إحداهما على القواعد الشرعية، وزاحمت الأخرى أحكام الربوبية، واقتصد الموفقون، فقالوا: مراد الله من عباده ما علم أنهم إليه يصيرون، ولكنه لم يسلبهم قُدَرَهم، ولم يمنعهم مراشدهم، فَقَرَّت الشريعةُ في نصابها، وجرت العقيدة في الأحكام الإلهية على صوابها. فإن قيل: كيف يريد الحكيم السَّفَه؟ فقد أوضحنا أن الأفعال متساوية في حق من لا ينتفع ولا يتضرر، ولكن إذا أخبر أنه مكلِّفٌ مُطالِبٌ عبادهَ، مُزِيحٌ عللَهم؛ فقوله الحق، وكلامه الصدق.

الصفحة

409/ 490

مرحباً بك !
مرحبا بك !