
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
الماء المالح؟ وأخرج لك كل يوم رمّانة، وإنما تخرج مرّة في السنة؟ وسألتني أن أقبضك ساجدًا ففعلت ذلك بك. فيقول: أنت يا ربِّ. فيقول الله: فذلك برحمتي، وبرحمتي أدخلك الجنة".
رواه من طريق يحيى بن بُكَير، ثنا الليث بن سعد، عن سليمان بن هرم، عن محمد بن المنكدر، عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والإسناد صحيح، ومعناه صحيح لا ريب فيه.
فقد صحّ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لن ينجو أحدٌ منكم بعمله"، وفي لفظ: "لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله" قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل" (1).
فقد أخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه لا ينجي أحدًا عمُلُه، لا من الأولين ولا من الآخرين، إلا أن يرحمه ربه تبارك وتعالى، فتكون رحمته له خيرًا من عمله؛ لأن رحمته تنجّيه، وعمله لا ينجّيه، فعُلِم أنه سبحانه لو عذّب أهل سماواته وأرضه لعذّبهم ببعض حقه عليهم.
ومما يوضحه: أنه كلما كملت نعمة الله على العبد عظم حقّه عليه، وكان ما يُطَالَب به من الشكر أكثر مما يُطَالَب به مَنْ هو دونه، فيكون حق الله عليه أعظم، وأعماله لا تفي بحقه عليه، وهذا إنما يعرفه حق المعرفة مَنْ عرف الله وعرف نفسه.
هذا كله لو لم يحصل للعبد من الغفلة والإعراض والذنوب ما يكون في قبالة طاعاته، فكيف إذا حصل له من ذلك ما يوازي طاعاته أو يزيد عليها؟!