شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

5805 6

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: ٢

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 51

وهذه نسخة الضلال وعَلَمُ الشقاء، كما أن نسخة الهدى وعَلَم السعادة فهمٌ صحيح وقصد صالح، والله المستعان.

وتأمل قوله سبحانه: {ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}، كيف جعل هذه الجملة الثانية ـ سواء كانت خبرًا أو دعاء ـ عقوبة لانصرافهم، فعاقبهم عليه بصرْفٍ آخر غير الصرْف الأول، فإن انصرافهم كان لعدم إرادته سبحانه ومشيئته لإقبالهم؛ لأنه لا صلاحية فيهم ولا قبول، فلم يشأ لهم الإقبال والإذعان، فانصرفت قلوبهم بما فيها من الجهل والظلم عن القرآن، فجازاهم على ذلك صرفًا آخر غير الصرف الأول، كما جازاهم على زيغ قلوبهم عن الهدى إزاغة أخرى غير الزيغ الأول، كما قال تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: 5]، وهكذا إذا أعرض العبد عن ربه جازاه سبحانه بأن يعرض بقلبه عنه، فلا يمكّنه من الإقبال عليه.

ولتكن قصة إبليس منك على ذكر، تنتفع بها أتمَّ انتفاع، فإنه لما عصى ربّه تعالى ولم ينقد لأمره، وأصرَّ على ذلك؛ عاقبه بأن جعله داعيًا إلى كل معصية، فعاقبه على معصيته الأولى بأصول المعاصي وفروعها، صغيرها وكبيرها، وصار هذا الإعراض والكفر منه عقوبة لذلك الإعراض والكفر السابق، فمن عقاب السيئة السيئة بعدها، كما أن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها.

فإن قيل: فكيف يلتئم إنكاره سبحانه عليهم الانصراف والإعراض وهو منه، وقد قال تعالى: {فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [يونس: 32]، و {فَأَنَّى (1) تُؤْفَكُونَ}

الصفحة

320/ 490

مرحباً بك !
مرحبا بك !