
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
يفقهونه، {أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ} مثل البهيمة التي لا تفهم إلا دعاء ونداء" (1).
وقال مجاهد: "بعيد من قلوبهم" (2).
وقال الفراء: "تقول للرجل الذي لا يفهم كلامك: أنت تُنادَى من مكان بعيد"، قال: "وجاء في التفسير: كأنما ينادون من السماء فلا يسمعون" (3) انتهى.
والمعنى: أنهم لا يسمعون ولا يفهمون، كما أن من دُعي من مكان بعيد لم يسمع ولم يفهم.
فصل
وأما البَكَم فقال تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البقرة: 18]، والبُكْم جمع أبكم، وهو الذي لا ينطق، والبَكَم نوعان: بَكَم القلب، وبَكَم اللسان، كما أن النطق نطقان: نطق القلب، ونطق اللسان، وأشدهما بَكَم القلب، كما أن عماه وصممه أشد من عمى العين وصمم الأذن. فوصفهم سبحانه بأنهم لا يفقهون الحق، ولا تنطق به ألسنتهم.
والعلم يدخل إلى العبد من ثلاثة أبواب: من سمعه، وبصره، وقلبه، وقد سُدّت عليهم هذه الأبواب الثلاثة، فسُدّ السمعُ بالصمم، والبصرُ