
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وهذا كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الربا في النسيئة" (1)، وقوله: "إنما الماء من الماء" (2)، وقوله: "ليس الغنى عن كثرة العَرَض، إنما الغنى غنى النفس" (3)، وقوله: "ليس المسكين الطوّاف الذي تردّه اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، إنما المسكين الذي لا يجد ما يغنيه، ولا يُفْطَن له فيُتصدّق عليه" (4)، وقوله: "ليس الشديد بالصُّرَعَة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" (5)، ولم يرد نفي الاسم عن هذه المسميات، إنما أراد أن هؤلاء أولى بهذه الأسماء وأحق ممن يسمونه بها، فهكذا قوله: {تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)}، وقريب من هذا قوله تعالى: {لَيْسَ اَلْبِرُّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} الآية [البقرة: 177]، وعلى التقديرين فقد أثبت للقلب عمى حقيقة، وهكذا جميع ما نُسِب إليه.
ولما كان القلب ملك الأعضاء وهي جنوده، وهو الذي يحركها ويستعملها، والإرادة والقوى والحركة الاختيارية منه تنبعث؛ كانت هذه الأشياء له أصلًا، وللأعضاء (6) تبعًا، فلنذكر هذه الأمور مفصلة ومواقعها في