
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
عليّ، وأنا على طريقك، لمن أوعدته" (1)، وكذلك قال الكلبي والكسائي (2).
ومثل قوله: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} [النحل: 9]، على أحد القولين في الآية، قال مجاهد: "الحق يرجع إلى الله، وعليه طريقه" (3)، {وَمِنْهَا} أي: ومن السبيل ما هو جائر عن الحق، {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}، فأخبر عن عموم مشيئته وقدرته، وأن طريق الحق عليه، موصلة إليه، فمن سلكها فإليه يصل، ومن عدل عنها فإنه يضل عنه.
والمقصود أن هذه الآيات تتضمن عدل الرب تعالى وتوحيده، وأنه يتصرف في خلقه بملكه وحمده وعدله وإحسانه، فهو على صراط مستقيم في قوله وفعله وشرعه وقدره وثوابه وعقابه، يقول الحق، ويفعل العدل، {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهْوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب: 4].
فهذا العدل والتوحيد الذي دلّ عليه القرآن لا يتناقضان، وأما توحيد أهل القدر والجبر وعدلهم، فكل منهما يبطل الآخر ويناقضه.
فصل
ومن سلك من القدرية هذه الطريق فقد توسط بين الطائفتين، لكنه يلزمه الرجوع إلى قول مثبتي القدر قطعًا، وإلا تناقض أبين تناقض، فإنه إذا زعم أن