
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
فتحمله وتذهب به، وإن كان أكبر منها، فإن عجزت عن حمله، ذهبت إلى جحرها وجاءت معها بطائفة من أصحابها، فجاؤوا كخيط أسود يتبع بعضهم بعضًا، حتى يتساعدوا على حمله ونقله.
وهي تأتي إلى السنبلة فتشمها، فإن وجدتها حنطة قطعتها وفرّقتها وحملتها، وإن وجدتها شعيرًا تركتها.
فلها أولًا صدق الشم، وبُعْد الهمة، وشدة الحرص، والجرأة على محاولة نقل ما هو أضعاف أضعاف وزنها (1).
وليس للنمل قائد ورئيس يدبرها كما يكون للنحل، إلا أن لها رائدًا يطلب الرزق، فإذا وقف عليه أخبر أصحابه فيخرجن مجتمعات.
وكل نملة تجتهد في صلاح العامة منها، غير مختلسة من الحَبّ شيئًا لنفسها دون صواحباتها.
ومن عجيب أمرها أنّ الرجل إذا أراد أن يحترز من الذّر لا يسقط في عسل أو نحوه، فإنه يحفر حُفَيرة ويجعل حولها ماء، أو يتخذ إناء كبيرًا ويملؤه ماء، ثم يضع فيه ذلك الشيء، فيأتي الذّر يطيف به فلا يقدر عليه، فيتسلق في الحائط، ويمشي على السقف، إلى أن يحاذي ذلك الشيء، فتلقي نفسها عليه، وجربنا نحن ذلك.
وأحمى صانعٌ مرَّة طوقًا بالنار، ورماه على الأرض ليبرد، واتفق أن أسفل الطوق نمل، فتوجه في الجهات ليخرج فلحقه وهج النار، فلزم المركز