
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
يدخل بين بيوته رؤوس الإبر.
فتبارك الذي ألهمها أن تبني بيوتها هذا البناء المحكم، الذي يعجز البشر عن صنع مثله، فعلمت أنها محتاجة إلى أن تبني بيوتها من أشكال موصوفة بصفتين:
إحداهما (1): أن لا تكون زواياها ضيقة، حتى لا يبقى الموضع الضيق معطلًا.
الثاني (2): أن تكون تلك البيوت مشكلة بأشكال إذا انضم بعضها إلى بعض امتلأت العَرْصة (3) منها، ولا يبقى شيء منها ضائعًا.
ثم إنها علمت أن الشكل الموصوف بهاتين الصفتين هو المسدّس فقط؛ فإن المثلثات والمربعات وإن أمكن امتلاء العَرْصة منها إلا أن زواياها ضيقة، وأما سائر الأشكال وإن كانت زواياها واسعة إلا أنها لا تمتلئ العَرْصة منها، بل يبقى فيما بينها فروج خالية ضائعة، وأما المسدس فهو موصوف بهاتين الصفتين.
فهداها سبحانه إلى (4) بناء بيوتها على هذا الشكل، من غير تسطير ولا آلة ولا مثال يُحْتَذى عليه، وأصنعُ بني آدم لا يقدر على بناء البيت المسدّس إلا بالآلات الكثيرة.