
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
[فصلت: 25] وإنما معنى الآية التسليط" (1).
قلت: وهذا هو المفهوم من معنى الإرسال، كما في الحديث: "إذا أرسلتَ كلبك المُعَلَّم" (2) أي: سلَّطته، ولو خَلَّى بينه وبين الصيد من غير إرسال منه لم يُبَح صيده.
وكذلك قوله: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمِ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات: 41]، أي: سلّطناها وسخّرناها عليهم.
وكذلك قوله: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ} [الفيل: 3]، وكذلك قوله: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً} [القمر: 31].
والتخلية بين المُرْسَل وبين ما أُرْسِل عليه من لوازم هذا المعنى، ولا يتم التسليط إلا به، فإذا أُرْسِل الشيء الذي من طبعه وشأنه أن يفعل فعلًا ولم يمنعه من فعله فهذا هو التسليط.
ثم إنّ القدرية تناقضوا في هذا القول، فإنهم إن جوَّزوا منعهم منهم وعصمتهم وإعاذتهم فقد نقضوا أصلهم؛ فإنّ مَنْع المختار من فعله الاختياري مع سلامة آلته وصحة بنيته يدل على أن فعله وتركه مقدور للربّ، وهذا عين قول أهل السنة.
وإن قالوا: لا يقدر على منعهم وعصمتهم منهم وإعاذتهم، فقد جعلوا قدرتهم ومشيئتهم بفعل ما لا يقدر الرب على المنع منه، وهذا أبطل الباطل.