شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

2536 3

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: ٢

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 51

وإذا وازنت بين هذا المذهب وبين ما عداه من المذاهب، وجدته هو المذهب الوسط، والصراط المستقيم، ووجدت سائر المذاهب خطوطًا عن يمينه وعن شماله، فقريب منه وبعيد وبين ذلك. وإذا أعطيت الفاتحة حقّها وجدتها من أولها إلى آخرها منادية على ذلك، دالة عليه، صريحة فيه؛ فإن كمال حمده لا يقتضي غير ذلك، وكذلك كمال ربوبيته للعالمين لا يقتضي غير ذلك، فكيف يكون الحمد كلّه لمن لا يقدر على مقدور أهل سماواته وأرضه من الملائكة والجن والإنس والطير والوحش، بل يفعلون ما لا يقدر عليه ولا يشاؤه، ويشاء ما لا يفعله كثير منهم، فيشاء ما لا يكون، ويكون ما لا يشاء، وهل يقتضي كمال حمده ذلك، وهل يقتضيه كمال ربوبيته؟ ثم قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] مبطل لقول الطائفتين المنحرفتين عن قصد السبيل؛ فإنه يتضمن إثبات فعل العبد، وقيام العبادة به حقيقة، فهو العابد على الحقيقة، وأن ذلك لا يحصل له إلا بإعانة ربِّ العالمين عز وجل له، فإن لم يُعِنْه، ولم يُقْدِره، ولم يشأ له العبادة؛ لم يتمكن منها، ولم توجد منه البتَّة، فالفعل منه، والإقدار والإعانة من الربِّ عز وجل. ثم قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] يتضمن طلب الهداية ممن هو قادر عليها، وهي بيده إن شاء أعطاها عبده، وإن شاء منعه إياها، والهداية معرفة الحق والعمل به، فمن لم يجعله الله تعالى عالمًا بالحق عاملًا به لم يكن له سبيل إلى الاهتداء، فهو سبحانه المتفرد بالهداية الموجبة للاهتداء التي لا يتخلف عنها، وهي جَعْل العبد مريدًا للهدى، محبًّا له،

الصفحة

180/ 490

مرحبا بك !
مرحبا بك !