
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
قدرة الله، وجَعْل قدرة العبد مؤثّرة. والقائل بهذا لم يتخلص من الخطأ، حيث زعم أن قدرة العبد مستقلة بإعانة قدرة الله له، فعاد الأمر إلى اجتماع مؤثّرين على أثر واحد، لكن قدرة أحدهما وتأثيره مستند إلى قدرة الآخر وتأثيره. وكأنه ــ والله أعلم ــ أراد أن قدرة الربِّ تعالى مستقلة بالتأثير في إيجاد قدرة العبد، ثم قدرة العبد مستقلة بالتأثير في إيجاد الفعل. وهذا قد قاله طائفة من العقلاء. وقائل هذا لم يتخلص من الخطأ؛ حيث جعل قدرة العبد مستقلة بالتأثير في إيجاد المقدور، وهذا باطل؛ إذ غاية قدرة العبد أن تكون سببًا، بل جزءًا من السبب، والسبب لا يستقل بحصول المسبَّب ولا يوجبه، وليس في الوجود ما يوجب حصول المقدور إلا بمشيئة الله وحده. وأصحاب هذا القول زعموا أن الله سبحانه أعطى العبد قدرة وإرادة، وفوَّض إليه بهما الفعل والترك، وخلّاه وما يريد، فهو يفعل ويترك بقدرته وإرادته اللتَيْن فوض إليه الفعل والترك بهما. وقالت طائفة أخرى: مقدور العبد هو عين مقدور الربّ، بشرط أن يفعله العبد إذا تركه الربّ ولم يفعله، لا على أنه يفعله والربّ له فاعل؛ لاستحالة خلق بين خالقَيْن. وهذا هو بعينه مذهب مَن يقول بوقوع مفعول بين فاعلَيْن على سبيل البدل، وهذا مذهب كثير من القدرية، منهم الشحَّام وغيره. وقالت طائفة: يجوز وقوع فعل بين فاعلَيْن بنسبتين مختلفتين: أحدهما