شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

2554 3

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: ٢

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 51

ومن هذا الباب ما يبتلي به عباده من المصائب، ويأمرهم به من المكاره، وينهاهم عنه من الشهوات، هي طرق يوصلهم بها إلى سعادتهم في العاجل والآجل، وقد حُفّت الجنّة بالمكاره، وحُفّت النار بالشهوات، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرًا له، إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرًا له، وليس ذلك إلا للمؤمن" (1)، فالقضاء كله خيرٌ لمن أُعْطِي الشكر والصبر، جالبًا ما جلب.

وكذلك ما فعله بآدم وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم، من الأمور التي هي في الظاهر مِحَنٌ وابتلاء، وهي في الباطن طُرق خفية أوصلهم بها بلطفه إلى غاية كمالهم وسعادتهم.

فتأمل قصة موسى عليه السلام، وما لطف له من إخراجه في وقت ذبح فرعون الأطفال، ووحيه إلى أمه أن تلقيه في اليم، وسوقه بلطفه إلى دار عدوه الذي قدّر هلاكه على يديه، وهو يذبح الأطفال في طلبه (2)، فربّاه في بيته وحجره على فراشه، ثم قَدَّرَ له سببًا أخرجه به من مصر، وأوصله به إلى موضع لا حكم لفرعون عليه، ثم قَدَّر له سببًا أوصله به إلى النكاح والغنى بعد العزوبة والعَيْلة، ثم ساقه إلى بلد عدوه فأقام عليه به حجَّته، ثم أخرجه وقومه في صورة الهاربين الفارين منه، وكان ذلك عين نصرتهم على أعدائهم وإهلاكهم وهم ينظرون.

وهذا كلّه مما يبيّن أنه سبحانه يفعل ما يفعله لما يريده من العواقب

الصفحة

119/ 490

مرحبا بك !
مرحبا بك !