
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 683
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30) زاد المعاد في هدي خير العباد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
الدعاء، فلا يقطعه بصلاة العصر؛ وأرفقَ بالمزدلفة أن يتصل له المسيرُ، ولا يقطعه بالنزول للمغرب، لما في ذلك من التضييق على الناس. والله أعلم (1).
فصل ولم يكن من هديه - صلى الله عليه وسلم - الجمعُ راتبًا (2) في أسفاره كما يفعله كثير من الناس، ولا الجمعُ حالَ نزوله أيضًا. وإنما كان يجمع إذا جدَّ به السَّيرُ أو إذا سار عقيب الصلاة كما ذكرنا في قصة تبوك.
وأما جمعُه وهو نازلٌ غيرُ مسافر، فلم يُنقَل ذلك عنه إلا بعرَفة لأجل اتصال الوقوف كما قال الشافعي وشيخنا. ولهذا خصَّه أبو حنيفة بعرفة، وجعله من تمام النُّسك، ولا تأثير للسفر عنده فيه. وأحمد ومالك والشافعي جعلوا سببه السفر، ثم اختلفوا، فجعل الشافعي وأحمد في إحدى الروايات عنه التأثيرَ للسفر الطويل، ولم يجوّزاه (3) لأهل مكة. وجوَّز مالك وأحمد في الرواية الأخرى عنه لأهل مكة الجمعَ والقصرَ بعرفة، واختارها شيخنا وأبو الخطاب في «عباداته» (4). ثم طرد شيخنا هذا وجعله أصلًا في جواز القصر والجمع في طويل السفر وقصيره كما هو مذهب كثير من السلف، وجعله