
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 683
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30) زاد المعاد في هدي خير العباد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
من بعض الرواة، فإن أوله يخالف آخره؛ فإنه إذا وضع (1) يديه قبل ركبتيه فقد برَك كما يبرُك البعير، فإنَّ البعير إنما يضع يديه أولًا. ولما علم أصحاب هذا القول ذلك قالوا: ركبتا البعير في يديه، لا في رجليه؛ فهو إذا برَك وضع ركبتيه أولًا، فهذا هو المنهيُّ عنه، وهو فاسد لوجوه (2): أحدها: أن البعير إذا برك فإنه يضع يديه أولًا وتبقى رجلاه قائمتين (3)، وإذا نهض فإنه ينهض برجليه أولًا وتبقى يداه (4) على الأرض، وهذا هو الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفعَل خلافَه. فكان أول ما يقع منه على الأرض الأقرب إليها فالأقرب، وأول ما يرتفع عن الأرض منها الأعلى فالأعلى.
فكان يضع ركبتيه أولًا، ثم يديه، ثم جبهته. وإذا رفع رفع رأسه أولًا، ثم يديه، ثم ركبتيه. وهذا عكس فعل البعير، وهو - صلى الله عليه وسلم - نهى في الصلاة عن التَّشبُّه بالحيوانات، فنهى عن بروكٍ كبروك البعير، والتفاتٍ كالتفات الثعلب، وافتراشٍ كافتراش السَّبُع، وإقعاءٍ كإقعاء الكلب، ونَقْرٍ كنقر الغراب، ورفعِ الأيدي وقتَ السلام كأذناب الخيل الشُّمُس (5). فهديُ المصلِّي مخالفٌ لهدي الحيوانات.