
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 683
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30) زاد المعاد في هدي خير العباد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
أقوامًا (1) يلبسون الصوف يقولون: قد لبسه عيسى ابن مريم. وقد حدثني من لا أتهم أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد لبس الكتَّان، والصوف، والقطن؛ وسنَّةُ نبيِّنا أحق أن تُتَّبَع.
ومقصود ابن سيرين بهذا أن أقوامًا يرون أن لبس الصوف دائمًا أفضل من غيره، فيتحرَّونه، ويمنعون أنفسهم من غيره. وكذلك يتحرَّون زيًّا واحدًا من الملابس، ويتحرَّون رسومًا وأوضاعًا وهيئاتٍ يرون الخروج عنها منكرًا؛ وليس المنكر إلا التقيُّد بها، والمحافظة عليها، وترك الخروج عنها.
والصواب: أن أفضل الطرق طريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي سنَّها، وأمَر بها، ورغَّب فيها، وداوم عليها. وهي أنَّ هديه في اللباس أن يلبس ما تيسَّر من اللباس من الصوف تارةً، والقطن تارةً، والكتَّان تارةً.
ولبِس البرود اليمانية، والبرد الأخضر. ولبِس الجبة والقبَاء، والقميص والسراويل، والإزار والرداء، والخفَّ والنعل. وأرخى الذؤابة من خلفه تارةً، وتركها تارةً. وكان يتلحَّى بالعمامة تحت الحنَك.
وكان إذا استجدَّ ثوبًا سمَّاه باسمه، وقال: «اللهمَّ أنتَ كسوتني هذا القميصَ أو الرداء أو العمامة، أسألك خيرَه وخيرَ ما صُنِع له، وأعوذ بك من شرِّه وشرِّ ما صُنِع له» (2).