
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 683
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30) زاد المعاد في هدي خير العباد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وبعد، فإن الله سبحانه هو المنفرد (1) بالخلق والاختيار من المخلوقات، قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68]. وليس المراد بالاختيار هاهنا (2) الإرادة التي يشير إليها المتكلمون بأنه الفاعل المختار، وهو سبحانه كذلك، ولكن ليس المراد بالاختيار هاهنا هذا المعنى، وهذا الاختيار داخل في قوله: {يَخْلُقُ} فإنه لا يخلق إلا باختياره، وداخل في قوله: {مَا يَشَاءُ} فإن المشيئة هي الاختيار. وإنما المراد بالاختيار هاهنا: الاجتباء والاصطفاء، فهو اختيار بعد الخلق، والاختيار العامُّ اختيار قبل الخلق؛ فهو أعمُّ وأسبقُ، وهذا أخص؛ وهو متأخر، فهو اختيار من الخلق، والأول اختيار للخلق.
وأصح القولين أن الوقف التام على قوله: {وَيَخْتَارُ}، ويكون {مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [القصص: 68] نفيًا، أي: ليس هذا الاختيار إليهم، بل هو إلى الخالق وحده. فكما أنه المتفردُ (3) بالخلق، فهو المتفرد (4) بالاختيار منه (5). فليس