[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٢٩)]
جـ ١: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ ٢، ٣: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 588
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تاريخ تأليفه وما إليه
قد أحسن المجرِّدُ صُنعًا إذ نقل مقدّمة المؤلف وخاتمته دون تصرف، وكان مما في خاتمة المؤلف نصُّه على مكان تأليفه، وسَنَة تأليفه، وكم استغرق فيه.
قال المؤلف: «ووقع الفراغ منه في الحِجْر شرّفه الله تعالى، تحت ميزاب الرحمة في بيت الله، آخر شوال سنة اثنتين وثلاثين وسبع مئة، وكان ابتداؤه في رجب من السنة المذكورة» (1).
فأفاد هذا النص ما يلي:
مكان التأليف: بمكة المكرمة، في بيت الله الحرام، ووقع الفراغ منه في الحجر، تحت ميزاب الرحمة.
تاريخه: ابتدأ تأليفه في رجب سنة 732، وانتهى منه في آخر شوال من السنة نفسها. وعمره واحد وأربعون عامًا.
مدة التأليف: بناءً على التاريخ المذكور فإن مدة التأليف لا تزيد عن أربعة أشهر.
أما هذا التجريد الذي وصلنا للكتاب فتاريخ كتابته في يوم الأربعاء منتصف ربيع الأول سنة 790، كما نصّ عليه المجرّد في آخر النسخة، أي بعد موت المؤلف بتسع وثلاثين سنة، وبعد تأليف الكتاب بثمان وستين سنة. فهو تجريد قديم للكتاب, والظاهر أنه اشتهر أكثر من أصله، فكل النسخ التي وصلتنا منقولة من هذا التجريد.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا}
قال الشيخ الإمام العلامة شمس الدين محمد ابن قيِّم الجوزية الحنبلي غفر الله له:
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ربّ العالمين وإله المرسلين.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، المبعوثُ رحمةً للعالمين، ومحجَّةً للسالكين، وحُجةً على جميع المكلّفين. فرَّق الله برسالته بين الهدى والضلال، والغي والرشاد، والشك واليقين، فهو الميزان الراجح الذي على أقواله وأعماله وأخلاقه تُوزن الأقوال والأخلاق والأعمال، وبمتابعته والاقتداء به يتميّز أهلُ الهدى من أهل الضلال.
أرسله على حين فترةٍ من الرسل، فهدى به إلى أقْوَم الطرُق وأوضح السُّبُل، وافترض على العباد طاعتَه ومحبَّتَه وتعزيرَه وتوقيرَه والقيامَ بحقوقه، وأغلق دون جنته الأبوابَ، وسدَّ إليها الطرقَ فلم يفتح لأحدٍ (1) إلا من طريقه، فيشرح (2) له صدرَه، ورفعَ له ذكرَه، ووضع عنه وزرَه، وجعل الذلَّةَ والصَّغَار على من خالف أمرَه.