تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته - المجلد الأول

تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته - المجلد الأول

11338 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٢٩)]
جـ ١: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ ٢، ٣: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 588

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29) تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 57

القلَّتين, فيجوز للناس أن يبولوا في القلَّتين فصاعدًا, وحاشى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يكون نهيه خرج على ما دون القلتين, ويكون قد جَوَّز للناس البولَ في كلّ ما (1) بلغ القلتين أو زاد عليهما, وهل هذا إلا إلغاز في الخطاب أن يقول: "لا يبولنَّ أحدُكم في الماء الدائم الذي لا يجري"، ومراده من هذا اللفظ العام: أربعمائة رطل بالعراقيِّ أو خمسمائة, مع ما يتضمَّنه التجويز من الفساد العام وإفساد موارد الناس ومياههم عليهم؟

وكذلك حَمْله على ما لا يمكن نزحُه, أو ما لا يتحرَّك أحدُ طرفيه بحركةِ طرفه الآخر. وكلّ هذا خلاف مدلول الحديث, وخلاف ما عليه الناس وأهل العلم قاطبة، فإنهم ينهون عن البول في هذه المياه وإن كان مجرَّد البول لا ينجّسها, سدًّا للذريعة. فإنه إذا مُكِّن الناسُ من الأبوال في هذه المياه وإن كانت كبيرة عظيمة لم تلبث أن تتغيّر وتفسد على الناس, كما رأينا من تغيّر الأنهار الجارية بكثرة الأبوال.

وهذا كما نهى عن إفساد ظِلالهم عليهم بالتخلِّي فيها, وإفساد طرقاتهم بذلك (2). فالتعليل بهذا أقرب إلى ظاهر لفظه ومقصوده, وحِكْمته بنهيه, ومراعاته مصالحَ العباد, وحمايتهم مما يفسد عليهم ما يحتاجون إليه من مواردهم وطرقاتهم وظِلالهم, كما نهى عن إفساد ما يحتاج إليه الجنّ من طعامهم وعَلَف دوابّهم (3).

فهذه علّة معقولة تشهد لها العقول والفِطَر, ويدلّ عليها تصرّف الشرع

الصفحة

64/ 588

مرحباً بك !
مرحبا بك !