[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٢٩)]
جـ ١: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ ٢، ٣: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 588
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29) تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
لها كما قال أصحابنا (1) وأصحاب الشافعي (2)، قالوا: لأن الطلاق إنما يكون للزوجة لا للأجنبية، فإذا طلّقها كان دليلًا على استبقاء نكاحها. وهذا ضعيف جدًّا، فإن طلاقه لها إنما هو رغبة عنها وقطع لنكاحها، فكيف يكون اختيارًا؟! وهو لو قال: طلّقتُ هذه، وأمسكت أو اخترت هذه، جعلتم التي اختار إمساكها مفارقةً والتي اختار طلاقها مختارةً! وهذا معلوم أنه ضد مقصوده.
وأقصى ما في الباب أنه استعمل لفظ الطلاق في مفارقتها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «فارق سائرهن»، والفراق أيضًا من صرائح الطلاق عندكم، فإذا قال: فارقت هذه، كان اختيارًا لها!
وهذا أحد الوجهين لهم. وإنما يكون مفارقًا لها إذا قال: فسخت نكاح هؤلاء، أو اخترت هؤلاء، ونحوه. وصاحب الشرع قد أمره بالفراق والطلاق، فإذا أتى باللفظ الذي أمره به كان ذلك فراقًا لا اختيارًا.
وأما قولهم: إن الطلاق لا يكون إلا في زوجة، قلنا: هذا ينتقض بالفسخ، وإنكم قد قلتم: لو فسخ نكاح إحداهن كان اختيارًا للباقية، ومعلوم أن الفسخ لا يكون إلا في زوجة، فما هو جوابكم في الفسخ هو الجواب في الطلاق.
وأيضًا، فالطلاق جُعِل عبارةً عن الفسخ، وإخراج المطلقة، واستبقاء الأخرى؛ فكأنه قال: أرسلت هذه وسَيَّبتها ونحوه، وأمسكت هذه.