تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته - المجلد الأول

تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته - المجلد الأول

11346 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٢٩)]
جـ ١: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ ٢، ٣: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 588

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29) تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 57

أحكامها المُرَتّبة (1) عليها فليس إلى المكلَّف, وإنما هو إلى الشارع, فهو نصبَ الأسبابَ وجعلَها مقتضياتٍ لأحكامها, وجعل السببَ مقدورًا للعبد, فإذا باشره رتَّب عليه الشارعُ أحكامَه. فإذا كان السببُ محرّمًا كان ممنوعًا منه ولم يَنْصبه الشارعُ مقتضيًا لآثار السبب المأذون فيه, والحكمُ ليس إلى المكلَّف حتى يكون إيقاعه إليه والسبب الذي إليه غير مأذون فيه, ولا نَصَبه الشارعُ لترتُّب الآثارِ عليه, فَتَرتُّبها عليه إنما هو بالقياس على السبب المباح المأذون فيه، وهو قياسٌ في غاية الفساد, إذ هو قياس أحد النقيضين على الآخر في التسوية بينهما في الحكم, ولا يخفى فساده.

قالوا: وأيضًا فصِحَّة العقد هو عبارة عن ترتُّب أثره المقصود للمكلَّف عليه, وهذا الترتيب نعمة من الشارع أنعم بها على العبد, وجعل له طريقًا إلى حصولها بمباشرة الأسباب التي أذن له فيها, فإذا كان السببُ محرّمًا منهيًّا عنه كان مباشرته معصيةً, فكيف تكون المعصية سببًا لترتُّب النعمة التي قَصَد المكلَّفُ حصولَها؟!

قالوا: وقد علَّل مَن أوقع الطلاقَ وأوجبَ الرجعةَ, إيجاب الرجعة بهذه العلة بعينها، وقالوا: أوجَبْنا عليه الرجعةَ معاملةً له بنقيضِ قصدِه, فإنه ارتكبَ أمرًا محرَّمًا يقصد به الخلاص من الزوجة, فعُومِل بنقيض قصده, فأُمِر برجعتها.

قالوا: فما جعلتموه أنتم علةً لإيجاب الرجعة, فهو بعينه علة لعدم وقوع الطلاق الذي قَصَده المكلّف بارتكابه ما حَرّم الله عليه. ولا ريب أن دَفْع وقوع الطلاق أسهل من رفعه بالرجعة, فإذا اقتضت هذه العلة رفع أثر

الصفحة

488/ 588

مرحباً بك !
مرحبا بك !