
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٢٩)]
جـ ١: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ ٢، ٣: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 588
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29) تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وقوله: «وهو على كل شيء قدير» , لك أن تُدخلها تحت قولك في التلبية: «لا شريك لك»، ولك أن تُدخلها تحت قولك: «إن الحمد (1) لك». ولك أن تُدخلها تحت إثبات الملك له تعالى, [ق 66] إذ لو كان بعض الموجودات خارجًا عن قُدْرته ومُلكه, واقعًا بخلق غيره, لم يكن نفي الشريك عامًّا, ولم يكن إثبات الملك والحمد له عامًّا, وهذا من أعظم المحال, والمُلك كلُّه له, والحمد كلُّه له, وليس له شريك بوجه من الوجوه.
الثامنة عشر: أن كلمات التلبية متضمِّنة للردِّ على كلِّ مُبطِل في صفات الله وتوحيده؛ فإنها مُبْطِلة لقول المشركين على اختلاف طوائفهم ومقالاتهم، ولقول الفلاسفة وإخوانهم من الجهمية المعطِّلين لصفات الكمال التي هي مُتعَلَّق الحمدِ, فهو سبحانه محمودٌ لذاته ولصفاته ولأفعاله, فمَن جَحَد صفاته وأفعاله فقد جَحَد حَمْدَه.
ومُبْطِلةٌ لقول مجوس الأمة من (2) القدَرِيَّة الذين أخرجوا عن ملكِ الرب وقدرتِه أفعالَ عبادِه من الملائكة والجن والإنس, فلم يُثبِتوا له عليها قدرةً، ولا جعلوه خالقًا لها. فعلى قولهم لا تكون داخلةً تحت مُلكه, إذ مَنْ لا قدرةَ له على الشيء كيف يكون (3) داخلًا تحت ملكه؟ فلم يجعلوا الملكَ كلَّه لله, ولم يجعلوه على كلِّ شيء قدير.