
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٢٩)]
جـ ١: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ ٢، ٣: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 588
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29) تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
الناس, فلا يُرْجَع في التخفيف المأمور به إلَّا إلى فعله - صلى الله عليه وسلم -, فإنه كان يصلي وراءَه الضعيفُ والكبيرُ وذو الحاجة, وقد أَمَرَنا بالتخفيف لأجلهم, فالذي كان يفعله هو التخفيف, إذ من المحال أن يأمر بأمر ويعلِّله بعلّةٍ، ثم يفعل خلافَه مع وجود تلك العلة, إلا أن يكون منسوخًا.
وفي «صحيح مسلم» (1) عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنّ طولَ صلاةِ الرجل وقِصَرَ خطبته مَئِنَّةٌ مِن فقهِهِ, فأطيلوا الصلاةَ واقْصُروا الخُطبةَ, وإن من البيان سِحْرًا». فجعل طولَ الصلاة علامةً على فقه الرجل, وأمر بإطالتها, وهذا الأمر إما أن يكون عامًّا في جميع الصلوات, وإما أن يكون المراد به صلاة الجمعة, فإن كان عامًّا فظاهر, وإن كان خاصًّا بالجمعة مع كون الجَمْع فيها يكون عظيمًا، وفيه الضعيف والكبير وذو الحاجة, وتُفْعَل في شدَّة الحرّ, ويتقدمها خطبتان، ومع هذا فقد أمر بإطالتها, فما الظنُّ بالفجر ونحوِ التي تُفْعَل وقتَ البرد والراحة مع قلة الجَمْع؟! وقد روى النسائيُّ في «سننه» (2): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ في الفجر بالروم. وفي «سنن أبي داود» (3) عن جابر بن سَمُرة: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دحضَتِ الشمسُ صلى الظهرَ وقرأ بنحوٍ من {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} , والعصر كذلك, والصلوات كلها كذلك إلا الصبح فإنه كان يطيلها».