[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٢٩)]
جـ ١: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ ٢، ٣: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 588
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29) تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
أحدهما: حصر المبتدأ في الخبر إذا كانا مَعْرفتين، فإن الخبر لا بدّ وأن يكون مساويًا [ق 5] للمبتدأ أو أعمَّ منه, ولا يجوز أن يكون أخصّ منه. فإذا كان المبتدأ معرّفًا بما يقتضي عمومه كـ"اللام" و"كل" ونحوهما، ثم أخبر عنه بخبر, اقتضى صحَّةُ الإخبار أن يكون إخبارًا عن جميع أفراد المبتدأ، فإنه لا فرد من أفراده إلا والخبرُ حاصلٌ له. وإذا عُرِف هذا لزم الحَصْر, وأنه لا فرد من أفراد ما يُفْتَتح به الصلاة إلا وهو الطهور. فهذا أحد الطريقين.
والثاني: أن المبتدأ مضاف إلى الصلاة, والإضافة تعُمّ. فكأنه قيل: جميع مفتاح الصلاة هو الطهور. وإذا كان الطهور هو جميع ما يُفْتَتح به، لم يكن لها مفتاح غيره.
ولهذا فهم جمهور الصحابة والأمة أن قوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] أنه على الحصر, أي: مجموعُ أجلهنّ الذي لا أجل لهنّ سواه: وَضْعُ الحمل. وجاءت السنةُ مفسرةً لهذا الفَهْم مُقرِّرةً له, بخلاف قوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 228] فإنه فِعْل لا عموم له, بل هو مطلق.
وإذا عُرِف هذا ثبت أن الصلاة لا يمكن الدخول فيها إلا بالطهور. وهذا أدّل على الاشتراط من قوله: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحْدَثَ حتى يتوضأ" (1) من وجهين:
أحدهما: أن نفي القبول قد يكون لفوات الشرط وعدمه. وقد يكون لمقارنة محرَّمٍ يمنعُ من القبول, كالإباق، وتصديق العرَّاف، وشرب الخمر،