[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (1)]
المحقق: علي بن محمّد العمران
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير (جـ 1 - 5)، محمد أجمل الإصلاحي (جـ 1 - 2)، جديع بن محمد الجديع (جـ 1 - 5)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الخامسة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 5 (4 في ترقيم واحد متسلسل، والأخير فهارس)
عدد الصفحات: 1667
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مقدمة المحقِّق
الحمد لله واهب الحمد ومُسْديه، وصلاةً وسلامًا على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه.
أما بعد؛ فإن أغراض التأليف وألوانه لا تقف عند حدّ (1)، وهمم العلماء في ذلك لا تنقطع إلا بانقطاع العلم؛ وذلك لكثرة المطالب الباعثة عليه، وسعة المباغي الداعية إليه.
ومن جملة تلك المطالب التي ألِفَ العلماءُ الكتابةَ فيها: تقييدُ بها يمرُّ بهم من الفوائد، والشوارد، والبدائع؛ من نصٍّ عزيز، أو نقلٍ غريب، أو استدلالٍ محرَّر، أو ترتيبٍ مُبتكر، أو استنباطٍ دقيق، أو إشارةٍ لطيفة = يُقيِّدون تلك الفوائد وقتَ ارتياضهم في خزائن العلم ودواوين الإسلام، أو مما سمعوه من أفواه الشيوخ أو عند مناظرة الأقران، أو بما تُمليه خواطرهم وينقدح في الأذهان.
يجمعون تلك المقيَّدات في دواوين، لهم في تسميتها مسالك، فتُسَمَّى بـ "الفوائد" أو "التذكرة" أو "الزنبيل" أو "الكنَّاش" أو "المخلاة"
أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: 109].
والشيطان يقارنُ الساحر والحاسد ويحادثهما ويصاحبهما، ولكنَّ الحاسدَ تُعِينُهُ الشياطينُ بلا استدعاء منه للشيطان؛ لأن الحاسد شبيهٌ بإبليس وهو في الحقيقة من أتباعه؛ لأنه يطلبُ ما يحبه الشيطان من فساد الناس وزوال نعم الله عنهم, كما أن إبليس حسد آدم لشَرَفَه وفضله, وأبى أن يسجدَ له حَسَدًا, فالحاسد من جند إبليس, وأما الساحرُ فهو يطلبُ من الشيطان أن يُعِينَهُ ويستعينه (1) , وربما يعبدُهُ من دون الله تعالى حتى يقضيَ له حاجَتَهُ, وربما يسجد له.
وفي كتب السحر و"السِّرِّ المكتوم" (2) من هذا عجائب, ولهذا كلما كان الساحرُ أكفرَ وأخبثَ وأشدَّ معاداةً لله ولرسوله ولعباده المؤمنين؛ كان سحرُه أقوى وأنْفَذَ, ولهذا كان سِحْرُ عُبَّاد الأصنام أقوى من سِحْر أهل الكتاب, وسحر اليهود أقوى من سِحْر المُنْتَسِبين إلى الإسلام, وهم الذين سحروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وفي "الموطأ" (3) عن كعب قال: "كلماتٌ أحفظُهُنٌ من التَّوراة لولاها لجعلتْني يهودُ حمارًا: أعوذُ بوجه اللهِ العظيمِ الذي لا شيءَ أعظمُ منه, وبكلمات الله التَّامَّاتِ التي لا يُجاوِزهُنَّ بَرٌّ ولا فاجرٌ,