بدائع الفوائد

بدائع الفوائد

17729 9

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (1)]

المحقق: علي بن محمّد العمران

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير (جـ 1 - 5)، محمد أجمل الإصلاحي (جـ 1 - 2)، جديع بن محمد الجديع (جـ 1 - 5)

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الخامسة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 5 (4 في ترقيم واحد متسلسل، والأخير فهارس)

عدد الصفحات: 1667

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مقدمة المحقِّق

الحمد لله واهب الحمد ومُسْديه، وصلاةً وسلامًا على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه.

أما بعد؛ فإن أغراض التأليف وألوانه لا تقف عند حدّ (1)، وهمم العلماء في ذلك لا تنقطع إلا بانقطاع العلم؛ وذلك لكثرة المطالب الباعثة عليه، وسعة المباغي الداعية إليه.

ومن جملة تلك المطالب التي ألِفَ العلماءُ الكتابةَ فيها: تقييدُ بها يمرُّ بهم من الفوائد، والشوارد، والبدائع؛ من نصٍّ عزيز، أو نقلٍ غريب، أو استدلالٍ محرَّر، أو ترتيبٍ مُبتكر، أو استنباطٍ دقيق، أو إشارةٍ لطيفة = يُقيِّدون تلك الفوائد وقتَ ارتياضهم في خزائن العلم ودواوين الإسلام، أو مما سمعوه من أفواه الشيوخ أو عند مناظرة الأقران، أو بما تُمليه خواطرهم وينقدح في الأذهان.

يجمعون تلك المقيَّدات في دواوين، لهم في تسميتها مسالك، فتُسَمَّى بـ "الفوائد" أو "التذكرة" أو "الزنبيل" أو "الكنَّاش" أو "المخلاة"

الصفحة

5/ 98

قالوا: "قائم وخائف"، وقالوا في المصدر "عياذًا بالله"، وأصله "عِواذًا" كـ "لِواذ"، فقلبوا الواو ياء للكسرة قبلها، ولم تحصنها حركتها؛ لأنها قد ضعفت بإعلالها في الفعل، وقالوا "مستعيذ"، وأصله: "مستعوِذ" كـ "مستخْرِج"، فنقلوا كسرة الواو إلى العين قبلَها، قلبت الواو قبلها كسرة فقلبت ياء على أصل الباب (1).

فإن قلت: فلم دخلت السين والتاء في الأمر من هذا الفعل كقوله: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [النحل: 98] ولم تدخل في الماضي والمضارع، يل الأكثر أن يقال: "أعوذ بالله"، و"عذْت بالله"، دون "أستعيد" و"استعذت"؟.

قلت: السين والتاء دالة على الطلب، فقوله: "أَسْتَعيذ بالله"، أي: أطلب العياذَ به، كما إذا قلت: "أَسْتَخير الله"، أي: أطلبُ خِيرتَه، و"أَسْتَغفره" أي: أطلب مغفرته، و"أَسْتَقِيله" أي: أطلب إقالته، فدخلت في الفعل إيذانًا لطلب هذا المعنى من المعاذ، فإذا قال المأمور: "أعوذ بالله"، فقد امتثل ما طُلِب منه؛ لأنه طَلَب منه الالتجاء والاعتصام، وفَرْق بين نفس الالتجاء والاعتصام، وبين طلب ذلك. فلما كان المستعيذ (ظ/129 أ) هاربًا ملتجئًا معتصمًا بالله أتى بالفعل الدال على ذلك دون الفعل الدال على طلب ذلك، فتأمله.

وهذا بخلاف ما إذا قيل: "اسْتَغْفِرِ الله"، فقال: "أَستَغْفر الله"، فإنه طلب منه أن يطلب المغفرةَ من الله، فإذا قال: "أسْتَغْفِر الله" كان ممتثلاً؛ لأن المعنى أطلب من الله أن يغفر لي. وحيث أراد هذا المعنى في الاستعاذة فلا ضير أن يأتي بالسين، فيقول: "أَسْتَعيد بالله"، أي: أطلب منه أن يعيذني، ولكن هذا معنى غير نفس الاعتصام

الصفحة

705/ 1667

مرحباً بك !
مرحبا بك !