بدائع الفوائد

بدائع الفوائد

5228 5

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (1)]

المحقق: علي بن محمّد العمران

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير (جـ 1 - 5)، محمد أجمل الإصلاحي (جـ 1 - 2)، جديع بن محمد الجديع (جـ 1 - 5)

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الخامسة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 5 (4 في ترقيم واحد متسلسل، والأخير فهارس)

عدد الصفحات: 1667

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مقدمة المحقِّق

الحمد لله واهب الحمد ومُسْديه، وصلاةً وسلامًا على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه.

أما بعد؛ فإن أغراض التأليف وألوانه لا تقف عند حدّ (1)، وهمم العلماء في ذلك لا تنقطع إلا بانقطاع العلم؛ وذلك لكثرة المطالب الباعثة عليه، وسعة المباغي الداعية إليه.

ومن جملة تلك المطالب التي ألِفَ العلماءُ الكتابةَ فيها: تقييدُ بها يمرُّ بهم من الفوائد، والشوارد، والبدائع؛ من نصٍّ عزيز، أو نقلٍ غريب، أو استدلالٍ محرَّر، أو ترتيبٍ مُبتكر، أو استنباطٍ دقيق، أو إشارةٍ لطيفة = يُقيِّدون تلك الفوائد وقتَ ارتياضهم في خزائن العلم ودواوين الإسلام، أو مما سمعوه من أفواه الشيوخ أو عند مناظرة الأقران، أو بما تُمليه خواطرهم وينقدح في الأذهان.

يجمعون تلك المقيَّدات في دواوين، لهم في تسميتها مسالك، فتُسَمَّى بـ "الفوائد" أو "التذكرة" أو "الزنبيل" أو "الكنَّاش" أو "المخلاة"

الصفحة

5/ 98

فهدى الرِّجْلين للمشي، واليدين للبطش والعمل، واللسان للكلام، والأذن للاستماع، والعين لكشف المرئيَّات، وكلَّ عضو لما خُلِقَ له، وهدى الزوجين من كلِّ حيوان إلى الازدواج والتناسل وتربية الولد، وهدى الولد إلى التقام الثدي عند وضعه وطلبه. ومراتب هدايته -سبحانه- لا يحصيها إلا هو، فتبارك الله رب العالمين.

وهدى النَّحْل أن تتخذ من الجبال بيوتًا ومن الشجر ومن الأبنية، ثم تسلك سبل ربها مذلَّلة لها لا تستعصي عليها، ثم تأوي إلى بيوتها، وهداها إلى طاعة يعسوبها واتباعه والائتمام به أين توجه بها، ثم هداها إلى بناء البيوت العجيبة الصنعة المحكمة (1) البناء.

ومن تأمل بعضَ هدايته المبثوثة في العالم شهد له بأنه الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم، وانتقل من معرفة هذه الهداية إلى إثبات النبوة بأيسرِ نظر، وأوَّلِ وهلة، وأحسنِ طريق وأخصرِها، وأبعدِها من كلِّ شبهة، فإن من لم يُهْمِل هذه الحيوانات سُدًى ولم يتركها مُعَطَّلة، بل هداها (2) إلى هذه الهداية التي تعجز عقول العقلاء عنها، كيف يليق به أن يتركَ النوعَ الإنساني -الذي هو خلاصة الوجود الذي كرَّمه وفضَّله على كثير من خلقه- مهملًا وسُدًى معطَّلًا لا يهديه إلى أقصى كمالاته وأفضل غاياته، بل يتركه معَطَّلًا لا يأمره ولا ينهاه، ولا يُثيبه ولا يعاقبه، وهل هذا إلا منافٍ لحكمته، ونسبةٌ له إلى ما لا يليق بجلاله؟! ولهذا أنكر ذلك على (3) من زعمه ونزَّه نفسه عنه، وبيَّنْ أنه يستحيل نِسْبة ذلك إليه، وأنه يتعالى عنه،

الصفحة

446/ 1667

مرحبا بك !
مرحبا بك !