بدائع الفوائد

بدائع الفوائد

16414 9

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (1)]

المحقق: علي بن محمّد العمران

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير (جـ 1 - 5)، محمد أجمل الإصلاحي (جـ 1 - 2)، جديع بن محمد الجديع (جـ 1 - 5)

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الخامسة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 5 (4 في ترقيم واحد متسلسل، والأخير فهارس)

عدد الصفحات: 1667

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مقدمة المحقِّق

الحمد لله واهب الحمد ومُسْديه، وصلاةً وسلامًا على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه.

أما بعد؛ فإن أغراض التأليف وألوانه لا تقف عند حدّ (1)، وهمم العلماء في ذلك لا تنقطع إلا بانقطاع العلم؛ وذلك لكثرة المطالب الباعثة عليه، وسعة المباغي الداعية إليه.

ومن جملة تلك المطالب التي ألِفَ العلماءُ الكتابةَ فيها: تقييدُ بها يمرُّ بهم من الفوائد، والشوارد، والبدائع؛ من نصٍّ عزيز، أو نقلٍ غريب، أو استدلالٍ محرَّر، أو ترتيبٍ مُبتكر، أو استنباطٍ دقيق، أو إشارةٍ لطيفة = يُقيِّدون تلك الفوائد وقتَ ارتياضهم في خزائن العلم ودواوين الإسلام، أو مما سمعوه من أفواه الشيوخ أو عند مناظرة الأقران، أو بما تُمليه خواطرهم وينقدح في الأذهان.

يجمعون تلك المقيَّدات في دواوين، لهم في تسميتها مسالك، فتُسَمَّى بـ "الفوائد" أو "التذكرة" أو "الزنبيل" أو "الكنَّاش" أو "المخلاة"

الصفحة

5/ 98

الرابع: أنه يُحييهم بعد هذه الإماتَةِ فيرجِعون إليه.

فما بالُ العاقلِ يشهدُ الثلاثةَ الأطوارَ الأُوَلَ (1) ويكذبُ بالرابع؟! وهل الرابعُ إلَّا طوْر من أطوار التَّخليق؟ فالذي أحياكم بعد أن كَنتم أمواتًا، ثم أماتكم بعد أنْ أحياكم، ما الذي يُعْجزهُ عن إحيائِكم بعد ما يُمِيتكم؟! وهل إنكارُكم ذلكَ إلَّا كفرٌ مجرَّدٌ بالله؟ فكيف يقعُ منكم بعدَ ما شاهدتموه؟! ففي ضمنِ هذه الآيةِ الاستدلالُ على وجود الخالق وصفاتِه وأفعالِه على المَعاد.

* ومن ذلك قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)} [البقرة: 30 - 33].

فهذه كالمناظرةِ من الملائكةِ والجواب عن سؤالهم؛ كأنهم قالوا: إن استخلفتَ في الأرضِ خليفة كان منهَ الفساد وسفكُ الدماء، وحكمتك تقتضي أن لا تفعلَ ذلك، وإن جعلتَ فيها فتجعل فيها من يسبحُ بحمدِك ويقدَسُ لك، ونحن نفعلُ ذلك. فأجابهم تعالى عن هذا السُّؤالِ: بأن له من الحكمةِ في جَعْل، (ق/ 365 ب) هذا الخليفةِ في الأرض ما لا تعلمُهُ الملائكةُ، وإن وراءَ ما زعمتم من الفَسادِ مصالحَ وحِكَماً لا تعلمونها أنتم، وقد ذكرنا منها قريبًا من أربعينَ حكمةً في

الصفحة

1551/ 1667

مرحباً بك !
مرحبا بك !