الفوائد

الفوائد

2757 3

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)]

المحقق: محمد عزير شمس

راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 300

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة التحقيق الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد، فهذا كتاب من أروع ما وصل إلينا من مؤلفات الإمام ابن القيم رحمه الله، جمع فيه ألوانًا من الفوائد واللطائف والعبر والمواعظ والنكت والدقائق والملاحظات والأفكار في فنون مختلفة، ولم يُرتِّبه على الموضوعات والأبواب، ويبدو أنه خصَّص كُنّاشًا أو دفترًا لتسجيل هذه الخواطر والفوائد المتفرقة، وأدرج فيه ما استحسن منها في فترات مختلفة من حياته. وطريقته فيه أنه يبدأ كل فائدة وبحث بكلمة: فصل أو قاعدة أو فائدة أو تنبيه، ويورد تحتها من بنات فكره أو من الكلمات المأثورة عن السلف أو من الأبيات والحكم المنثورة ما يعتبرها خير معين لمن يريد طريق النجاة والفلاح في الدنيا والآخرة. ويحتوي الكتاب على موضوعات عديدة في التوحيد والعقيدة، فيذكر أن معرفة الله تحصل بالنظر في مفعولاته والتفكر في آياته وتدبرها (ص 28)، وأتمّ الناس معرفةً به من عرفه بكماله وجلاله وجماله (ص 264)، ومعرفة الله نوعان: معرفة إقرار يشترك فيها المطيع والعاصي، ومعرفة توجب الحياء منه والمحبة له والإنابة إليه، وهي المعرفة الخاصة (ص 248). وبيَّن المؤلف تفاوت الناس في التوحيد (ص 282) وفوائد التوحيد في الدنيا والآخرة (ص 72) وأن راحة القلب والبدن في طاعة الله (ص 293)، وذكر

الصفحة

5/ 14

[بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ]

قاعدة جليلة

إذا أردتَ الانتفاعَ بالقرآن فاجمعْ قلبك عند تلاوته وسماعه، وألْقِ سمعَك، واحضُرْ حُضورَ من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه؛ فإنه خطابٌ منه لك على لسان رسوله:

قال تعالى:

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)} [ق: 37]

وذلك أنَّ تمام التأثير لمَّا كان موقوفًا على مُؤثِّرٍ مُقْتَضٍ، ومحلٍّ قابل، وشرطٍ لحصول الأثرِ، وانتفاء المانع الذي يمنعُ منه، تضمَّنَتِ الآيةُ بيانَ ذلك كلِّه بأوجز لفظٍ وأبينِهِ وأدلِّه على المُراد.

فقولُه: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى}: إشارةٌ إلى ما تقدَّمَ من أول السورةِ إلى ها هنا، وهذا هو المؤثِّرُ.

وقولُه: {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ}: فهذا هو المحلُّ القابلُ، والمرادُ به القلبُ الحيُّ الذي يَعْقِلُ عن الله؛ كما قال تعالى:

{إِنْ هُوَ إلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا} [يس: 69 - 70]؛ أي: حيَّ القلبِ.

وقوله: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ}، أي: وجَّه سمعَه وأصغَى حاسَّةَ سمعِهِ إلى ما يُقال له، وهذا شرطُ التأثُّر بالكلام.

وقوله: {وَهُوَ شَهِيدٌ (37)}، أي: شاهدُ القلبِ حاضرٌ غيرُ غائبٍ. قال ابن قتيبة (1): استمعَ كتاب الله، وهو شاهدُ القلب والفهم، ليس

الصفحة

3/ 300

مرحباً بك !
مرحبا بك !