
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 300
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الكتاب: الفوائد [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)] المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) المحقق: محمد عزير شمس راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت) الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم) عدد الصفحات: 300 قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18) الفوائد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق محمد عزير شمس إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
إلى نفسه اجتمعت عليه، فكانت الهَلَكةُ. • لما أعرض الناس عن تحكيم الكتاب والسُّنَةِ والمحاكمةِ إليهما، واعتقدوا عدمَ الاكتفاء بهما، وعدلوا إلى الآراءِ والقياس والاستحسان وأقوال الشيوخ؛ عرضَ لهم من ذلك فسادٌ في فِطَرِهم، وظلمةٌ في قلوبِهِم، وكدَرٌ في أفهامِهِم، ومَحْقٌ في عقولِهِم، وعَمَّتْهم هذه الأمورُ وغلبتْ عليهم؛ حتى رُبِّيَ فيها الصغيرُ، وهَرِمَ عليها الكبيرُ، فلم يَرَوْها منكرًا! فجاءتهمْ دولةٌ أخرى قامتْ فيها البدَعُ مقامَ السُّنَنِ، والنفسُ مقامَ العقل، والهوى مقام الرُّشدِ، والضلالُ مقام الهدى، والمنكرُ مقامَ المعروفِ، والجهلُ مقام العلم، والرِّياءُ مقامَ الإخلاصِ، والباطلُ مقام الحقِّ، والكذِبُ مقامَ الصِّدْقِ، والمداهنةُ مقام النصيحة، والظلمُ مقام العدل؛ فصارت الدولةُ والغلبَةُ لهذه الأمور، وأهلُها هم المشارَ إليهم، وكانتْ قبل ذلك لأضدادها، وكان أهلُها هم المشارَ إليهم. • فإذا رأيتَ دولةَ هذه الأمور قد أقبلتْ، وراياتُها قد نُصِبَتْ، وجيوشُها قد رَكِبَتْ؛ فبطنُ الأرض والله خيرٌ من ظهرها، وقُلَلُ الجبال خيرٌ من السهول، ومخالطةُ الوحشِ أسلمُ من مخالطةِ الناس. اقشعرَّتِ الأرضُ وأظلمتِ السماءُ وظهر الفسادُ في البرِّ والبحر من ظلم الفَجَرَةِ، وذهبتِ البركاتُ وقلَّتِ الخيراتُ وهزُلتِ الوحوشُ وتكدَّرتِ الحياةُ من فسق الظَّلَمَةِ، وبكى ضوءُ النهارِ وظلمةُ الليل من الأعمال الخبيثةِ والأفعال الفظيعةِ، وشكا الكرامُ الكاتبون والمُعَقِّباتُ إلى ربِّهم من كثرةِ الفواحش وغلبةِ المنكرات والقبائحِ. وهذا والله مُنذِرٌ بسَيلِ عذابٍ قد انعقد غمامُهُ، ومُؤذِنٌ بليل بلاءٍ قد ادْلهَمَّ ظلامُهُ؛ فاعزِلوا
(1/65)