{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيهِ تَجْأَرُونَ (53)} [النحل: 53]،
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 300
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الكتاب: الفوائد [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)] المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) المحقق: محمد عزير شمس راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت) الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم) عدد الصفحات: 300 قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18) الفوائد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق محمد عزير شمس إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
قاعدة جليلة فكَّرتُ في هذا الأمر؛ فإذا أصله: أن تعلم أن النعم كلها من الله وحده؛ نِعم الطاعات ونِعم اللَّذَّات، فترغب إليه أن يُلهمك ذكرَها ويُوزِعَك شكرَها، قال تعالى:
{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيهِ تَجْأَرُونَ (53)} [النحل: 53]،
وقال:
{فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69)} [الأعراف: 69]،
وقال:
{وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114)} [النحل: 114]،
وكما أن تلك النعم منه ومن مجردِ فضله؛ فذِكرُها وشكرُها لا يُنال إلَّا بتوفيقه. والذنوب من خِذلانه وتخلِّيه عن عبده وتَخليتِه بينه وبين نفسه، وإن لم يكشفْ ذلك عن عبده فلا سبيلَ له إلى كشفه عن نفسه؛ فإذا هو مضطرٌّ إلى التضرع والابتهال إليه أن يدفع عنه أسبابها حتى لا تصدر منه، وإذا وقعتْ بحكم المقادير ومقتضى البشرية فهو مضطر إلى التضرع والدعاء أن يدفع عنه موجباتها وعقوباتها. فلا ينفكُّ العبد عن ضرورته إلى هذه الأصول الثلاثة، ولا فلاحَ له إلا بها: الشكر، وطلب العافية، والتوبة النصوح. ثم فكَّرتُ فإذا مدارُ ذلك على الرغبة والرهبة، وليسا بيد العبد، بل بيد مقلِّب القلوب ومصرِّفها كيف يشاء؛ فإن وفَّق عبدَه أقبل بقلبه إليه وملأهُ رغبةً ورهبةً، وإن خذلَه تركه ونفسَه، ولم يأخذ بقلبه إليه، ولم يشأ له ذلك، وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. ثم فكَّرتُ: هل للتوفيق والخذلان سببٌ؟ أم هما بمجرد المشيئة لا سببَ لهما؟ فإذا سببهما أهلية المحل وعدمها؛ فهو سبحانه خالق