{وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42)} [النجم: 42]
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 300
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الكتاب: الفوائد [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)] المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) المحقق: محمد عزير شمس راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت) الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم) عدد الصفحات: 300 قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18) الفوائد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق محمد عزير شمس إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
يَقدِرُ عليه. وقوله:
{وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42)} [النجم: 42]
متضمن لكنز عظيم، وهو أن كل مراد إن لم يُرَدْ لأجله ويتصلْ به فهو مضمحل منقطع؛ فإنه ليس إليه المنتهى، وليس المنتهى إلا إلى الذي انتهت إليه الأمور كلها، فانتهت إلى خلقه ومشيئته وحكمته وعلمه؛ فهو غاية كل مطلوب، وكل محبوبٍ لا يُحَبُّ لأجله فمحبته عَناءٌ وعذابٌ، وكل عمل لا يُراد لأجله فهو ضائع وباطل، وكل قلب لا يصل إليه فهو شقيٌّ محجوبٌ عن سعادته وفلاحه. فاجتمع ما يُراد منه كله في قوله:
{وَإِنْ مِنْ شَيءٍ إلا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ}
، واجتمع ما يُراد له كله في قوله:
{وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42)}؛
فليس وراءه سبحانه غاية تُطلَب، وليس دونه غايةٌ إليها المنتهى. وتحت هذا سرٌّ عظيم من أسرار التوحيد، وهو أن القلب لا يستقر ولا يطمئنُّ ويَسكُن إلا بالوصول إليه، وكل ما سواه مما يُحَبّ ويُراد فمرادٌ لغيره، وليس المراد المحبوب لذاته إلا واحدٌ إليه المنتهى، ويستحيل أن يكون المنتهى إلى اثنين؛ كما يستحيل أن يكون ابتداءُ المخلوقات من اثنين. فمن كان انتهاء محبته ورغبته وإرادته وطاعته إلى غيره بطلَ عليه ذلك، وزال عنه وفارقه أحوجَ ما كان إليه، ومن كان انتهاء محبته ورغبته ورهبته وطلبه هو سبحانه ظفِرَ بنعيمه ولذته وبهجته وسعادته أبدَ الآباد. العبد دائمًا متقلبٌ بين أحكام الأوامر وأحكام النوازل؛ فهو محتاجٌ -بل مضطرٌّ- إلى العون عند الأوامر وإلى اللطف عند النوازل، وعلى قدر قيامه بالأوامر يحصل له من اللطف عند النوازل؛ فإن كمل