
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 300
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الكتاب: الفوائد [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)] المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) المحقق: محمد عزير شمس راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت) الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم) عدد الصفحات: 300 قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18) الفوائد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق محمد عزير شمس إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وإياك أن تُمكِّن الشيطانَ من بيت أفكارك وإرادتك؛ فإنه يُفسِدها عليك فسادًا يَصعُب تداركُه، ويُلقِي إليك أنواعَ الوساوس والأَفكار المضرة، ويَحُول بينك وبين الفكر فيما ينفعك، وأنت الذي أعنتَه على نفسك بتمكينه من قلبك وخواطرك فملكها عليك؛ فمثالك معه مثال صاحب رحًى يطحن فيها جيدَ الحبوب، فأتاه شخصٌ معه حِمْلُ ترابٍ وبَعرٍ وفحم وغُثاء ليطحنه في طاحونه؛ فإن طرده ولم يُمكِّنه من إلقاء ما معه في الطاحون استمرَّ على طحن ما ينفعه، وإن مكنَّه من إلقاء ذلك في الطاحون أفسدَ ما فيها من الحَبّ وخرج الطحين كله فاسدًا. والذي يُلقِيه الشيطانُ في النفس لا يَخرُج عن الفكر فيما كان ودخل في الوجود لو كان على خلاف ذلك، وفيما لم يكن لو كان كيف كان يكون، أو فيما لم يملك الفكر فيه من أنواع الفواحش والحرام، أو في خيالات وهميةٍ لا حقيقة لها، إمّا في باطل، أو فيما لا سبيل إلى إدراكه من أنواع ما طُوي عنه علمه، فيُلقِيه في تلك الخواطر التي لا يبلغ منها غايةً ولا يقف منها على نهايةٍ، فيجعل ذلك مجال فكره ومسرحَ وهمِه. وجِمَاع إصلاح ذلك: أن تَشغَل فكرَك في باب العلوم والتصورات بمعرفةَ ما يلزمك من التوحيد وحقوقه، وفي الموت وما بعده إلى دخول الجنة والنار، وفي آفات الأعمال وطرق التحرُّز منها. وفي باب الإرادات والعُزوم أن تَشغَل نفسَك بإرادة ما ينفعك إرادته، وطَرْحِ إرادة ما يضرُّك إرادتُهُ. وعند العارفين أن تمني الخيانة وإشغال الفكر والقلب بها أضرُّ على القلب من نفس الخيانة، ولا سيما إذا فرغ قلبه منها بعد مباشرتها؛ فإن تمنّيها يَشغَل القلبَ بها ويملؤه منها ويجعلها همَّه ومرادهُ.