{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124]؛
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 300
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الكتاب: الفوائد [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)] المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) المحقق: محمد عزير شمس راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت) الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم) عدد الصفحات: 300 قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18) الفوائد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق محمد عزير شمس إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
فراشِه وروحُه عند سدرة المنتهى تجول حول العرش، وآخرُ واقفٌ في الخدمة ببدنِه وروحُه في السفل تجول حول السفليات.
فإذا فارقت الروحُ البدنَ التحقتْ برفيقها الأعلى أو الأدنى؛ فعند الرفيق الأعلى كلُّ قرةِ عين وكلُّ نعيم وسرور وبهجة ولذة وحياة طيبة، وعند الرفيق الأسفل كلُّ همّ وغمّ وضيق وحزن وحياة نكِدةٍ ومعيشة ضَنْكٍ.
قال تعالى:
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124]؛
فذِكْره كلامه الذي أنزله على رسوله، والإعراض عنه ترك تدبره والعملِ به، والمعيشة الضنك فأكثر ما جاء في التفسير: أنها عذاب القبر. قاله ابن مسعود وأبو هريرة وأبو سعيد الخدري وابنُ عباس (1)، وفيه حديث مرفوع (2)، وأصل الضنك في اللغة الضيق والشدة، وكل ما ضاقَ فهو ضَنْكٌ، يقال: منزلٌ ضنكٌ وعيشٌ ضنك؛ فهذه المعيشة الضنك في مقابلة التوسيع على النفس والبدن بالشهوات واللذات والراحة؛ فإن النفس كلما وسّعت عليها ضيَّقت على القلب حتى تصير معيشةً ضنكا، وكلما ضيَّقت عليها وسَّعت على القلب حتى ينشرحَ وينفسحَ؛ فضنك المعيشة في الدنيا بموجب التقوى سعتها في البرزخ والآخرة، وسعة المعيشة في الدنيا بحكم الهوى ضَنْكها في البرزخ والآخرة.
فآثِرْ أحسَن المعيشتين وأطيَبهما وأدومَهما! وأَشْقِ البدنَ بنعيم الروح