[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 300
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الكتاب: الفوائد [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)] المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) المحقق: محمد عزير شمس راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت) الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم) عدد الصفحات: 300 قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18) الفوائد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق محمد عزير شمس إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
المنحرفين، الذين كان سببُ انحرافهم عدمَ قبول العهد، أو قبلوه بكُرهٍ ولم يأخذوه بقوةٍ ولا عزيمةٍ ولا حدَّثوا أنفسَهم بفهمه وتدبره والعمل بما فيه وتنفيذ وصاياه، بل عُرِضَ عليهم العهدُ ومعهم ضَراوة الصبا ودين العادة وما ألفوا عليه الآباء والأمهات، فتلقَّوا العهدَ تلقيَ من هو مكتفٍ بما وجدَ عليه آباءه وسلفه وعادتهم، لا تلقّي من يجمع همَّه وقلبه على فهم العهد والعمل به، حتى كأن ذلك العهد أتاه وحده وقيل له: تأملْ ما فيه ثم اعملْ بموجبه! فإذا لم يتلقَّ عهدَه هذا التلقي أخلَد إلى سيرة القرابة وما استمرت عليه عادة أهله وأصحابه وجيرانه وأهل بلده! فإن عَلَتْ همته أخلد إلى ما عليه سلفه ومن تقدمه من غير التفاتٍ إلى تدبر العهد وفهمه، فرضي لنفسه أن يكون دينه دينَ العادة! فإذا شامَه الشيطان، ورأى هذا مبلغَ همته وعزيمته؛ رماه بالعصبية والحمية للآباء وسلفه، وزيَّن له أن هذا هو الحق وما خالفه باطلٌ، ومثَّل له الهدى في صورة الضلال والضلالَ في صورة الهدى بتلك العصبية والحمية التي أُسِّستْ على غير علم، فرِضاه أن يكون مع عشيرته وقومه له ما لهم وعليه ما عليهم، فخُذِل عن الهدى، وولَّاه الله ما تولى؛ فلو جاءه كل هدى يخالف قومَه وعشيرته لم يَره إلا ضلالة. وإذا كانت همته أعلى من ذلك ونفسه أشرف وقدره أعلى أقبلَ على حفظ عهده وفهمه وتدبره، وعلم أن لصاحب العهد شأنًا ليس كشأن غيره، فأخذ نفسه بمعرفته من نفس العهد، فوجدَه قد تعرف إليه وعرَّفه نفسَه وصفاتِه وأسماءه وأفعاله وأحكامه، فعرف من ذلك العهد: قيومًا بنفسه مقيمًا لغيره، غنيًّا عن كل ما سواه وكل ما سواه فقير إليه، مستوٍ على عرشه فوق جميع خلقه، يرى ويسمع، ويرضى ويغضب، ويحب ويبغضُ، ويدبر أمر مملكته وهو فوق عرشه متكلمٌ آمرٌ ناهٍ، يُرسل رسلَه