{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60)} [الروم: 60].

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 300
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الكتاب: الفوائد [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)] المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) المحقق: محمد عزير شمس راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت) الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم) عدد الصفحات: 300 قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18) الفوائد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق محمد عزير شمس إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وأما الزهدُ في الثناء والمدح فيُسهِّلُه عليك علمُك أنه ليس أحدٌ ينفعُ مدحُه وَيزِيْن ويَضرُّ ذمُّه وَيشينُ إلَّا الله وحده؛ كما قال ذلك الأعرابيُّ للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إن مدحي زَينٌ وَذمِّي شَينٌ. فقال: "ذلك الله عزَّ وجلَّ" (1)؛ فازهد في مدح من لا يَزِينُك مدحه وفي ذمِّ من لا يَشِينك ذمُّهُ، وارغبْ في مدح مَن كلُّ الزين في مدحه وكل الشين في ذمِّه.
ولن تقدر على ذلك إلا بالصبر واليقين؛ فمتى فقدتَ الصبر واليقين كنت كمن أراد السفر في البحر في غير مركبٍ.
قال تعالى:
{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60)} [الروم: 60].
وقال تعالى:
{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)} [السجدة: 24].
فصل
لذَّةُ كل أحدٍ على حسب قدره وهمته وشرفِ نفسه:
فأشرفُ النَّاس نفسًا وأعلاهم همةً وأرفعهم قدرًا من لذَّتُهُ في معرفة الله ومحبَّته والشوق إلى لقائه والتودُّد إليه بما يحبُّه ويرضاه؛ فلذَّتُه في إقباله عليه وعكوف همَّته عليه. ودون ذلك مراتبُ لا يُحصيها إلَّا الله، حتى تنتهي إلى من لذَّتُهُ في أخسِّ الأشياء من القاذورات والفواحش في كلِّ شيءٍ من الكلام والفعال والأشغال؛ فلو عُرض عليه ما يلتذُّ به الأولُ لم تَسمَح نفسُه بقبوله ولا الالتفات إليه وربما تألَّمتْ من ذلك؛ كما أن