{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} [النحل: 1]

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 300
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الكتاب: الفوائد [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)] المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) المحقق: محمد عزير شمس راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت) الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم) عدد الصفحات: 300 قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18) الفوائد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق محمد عزير شمس إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
معناهُ؛ فإنَّ ظاهرَه إباحةُ كلِّ الأعمال لهم وتخييرُهم فيما شاؤوا منها، وذلك ممتنعٌ.
فقالتْ طائفةٌ منهم ابن الجوزيِّ (1) : ليس المرادُ من قولِهِ: "اعْمَلوا": الاستقبال، وإنَّما هو للماضي، وتقديرُهُ: أيُّ عمل كان لكم؛ فقد غَفرتُهُ. قال: ويَدُلُّ على ذلك شيئانِ: أحدُهما: أنَّه لو كان للمستقبل؛ كان جوابُهُ قولَه: سأَغْفِر لكم. والثاني: أنه كان يكونُ إطلاقًا في الذُّنوبِ، ولا وجه لذلك.
وحقيقةُ هذا الجوابِ: أني قد غَفرتُ لكم بهذه الغزوةِ ما سلف من ذُنوبكم.
لكنه ضعيفٌ من وجهين:
أحدُهما: أنَّ لفظ (اعملوا) يأباه؛ فإنه للاستقبال دون المُضِيِّ. وقولُه: "قَدْ غَفَرْتُ لكُم" لا يُوجِبُ أن يكون (اعملوا) مثلَه؛ فإنَّ قوله: "قَدْ غَفَرْتُ" تحقيقٌ لوقوع المغفَرةِ في المستقبل؛ كقولهِ:
{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} [النحل: 1]
،
{وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22]
، ونظائره.
الثاني: أن نفسَ الحديثِ يَرُدُّه؛ فإنَّ سببَه قصةُ حاطبٍ وجَسُّه (2) على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وذلك ذنبٌ واقعٌ بعد غزوةِ بدرٍ لا قبلَها، وهو سببُ الحديث؛ فهو مرادٌ منه قطعًا.
فالذي نظنُّ في ذلك -والله أعلمُ- أنَّ هذا خطابٌ لقوم قد عَلِمَ الله سبحانه أنَّهم لا يفارقون دينهم، بل يموتون على الإسلام، وأنَّهم قد