
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 300
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الكتاب: الفوائد [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)] المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) المحقق: محمد عزير شمس راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت) الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم) عدد الصفحات: 300 قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18) الفوائد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق محمد عزير شمس إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
في هذه الآية عدةُ حِكَم وأسرار ومصالح للعبد: فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب، والمحبوب قد يأتي بالمكروه؛ لم يأمن أن تُوافِيَه المضرةُ من جانب المسرة، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة؛ لعدم علمه بالعواقب؛ فإن الله يعلم منها ما لا يعلمه العبد؛ أوجب له ذلك أمورًا: منها: أنَّه لا أنفعَ له من امتثال الأمر، وإن شقَّ عليه في الابتداء؛ لأنَّ عواقبه كلها خيراتٌ ومسراتٌ ولذاتٌ وأفراح، وإن كرهته نفسه؛ فهو خيرٌ لها وأنفع. وكذلك لا شيء أضرٌ عليه من ارتكاب النهي، وإن هَوِيتْه نفسه ومالت إليه؛ فإن عواقبه كلها آلامٌ وأحزانٌ وشرورٌ ومصائبُ. وخاصّةُ العقل تحمّلُ الألم اليسير لما يعقبه من اللذة العظيمة والخير الكثير، واجتناب اللذة اليسيرة لما يعقبه من الألم العظيم والشر الطويل. فنظر الجاهل لا يُجاوز المبادئَ إلى غاياتها، والعاقل الكيِّس دائمًا ينظرُ إلى الغايات من وراء سُتور مبادئها، فيرى ما وراء تلك السُّتورِ من الغايات المحمودة والمذمومة، فيرى المناهي كطعام لذيذٍ قد خُلِط فيه سُمٌّ قاتلٌ؛ فكلما دعتْه لذته إلى تناوله نهاه ما فيه من السم، ويرى الأوامر كدواء كريه المذاق مُفْضٍ إلى العافية والشفاء، وكلما نهاه كراهةُ مذاقه عن تناوله أمرهُ نفعُه بالتناول. ولكن هذا يحتاج إلى فضل علم تُدرَك به الغاياتُ من مبادئها، وقوةِ صبر يُوطِّنُ به نفسَه على تحمُّلِ مشقَّة الطريق لما يُؤمِّلُ عند الغاية؛ فإذا فقد اليقين والصبر تعذَّر عليه ذلك، وإذا قوي يقينُهُ وصبرُهُ هإن عليه كل مشقَّةٍ يتحمَّلُها في طلب الخير الدائم واللَّذَّة الدائمة. ومن أسرار هذه الآية: أنها تقتضي من العبد التفويضَ إلى من يعلم