{وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ} [هود: 3]؛

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 300
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الكتاب: الفوائد [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)] المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) المحقق: محمد عزير شمس راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت) الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم) عدد الصفحات: 300 قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18) الفوائد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق محمد عزير شمس إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
ليس في المفروح به أبلغُ منه (1)، وهذا الفرحُ إنَّما كان بفعل المأمور به، وهو التوبةُ، فقدَّر الذنب لما يترتَّبُ عليه من هذا الفرح العظيم الذي وجودُهُ أحبُّ إليه من فواته، ووجوده بدون لازمه ممتنع فدلَّ على أن وجود ما يحب أحبُّ إليه من فوات ما يكرهُ.
وليس المرادُ بذلك أنَّ كلَّ فردٍ من أفراد ما يحبُّ أحبُّ إليه من فوات كل فردٍ مما يكرهُ، حتى تكون ركعتا الضُّحى أحبَّ إليه من فوات قتل المسلم، وإنما المراد أن جنس فعل المأمورات أفضلُ من جنس ترك المحظورات؛ كما إذا فُضِّلَ الذكَرُ على الأنثى والإنسيُّ (2) على الملك؛ فالمرادُ الجنسُ لا عمومُ الأعيانِ.
والمقصودُ أنَّ هذا الفرح الذي لا فرح يُشبِهُهُ بفعل مأمور التوبة يَدُلُّ على أنَّ هذا المأمور أحبُّ إليه من فوات المحظور الذي تفوتُ به التوبةُ وأثرُها ومُقتضاها.
فإن قيل: إنما فرح بالتوبة لأنَّها تركٌ للمنهي، فكان الفرحُ بالترك!
قيل: ليس كذلك؛ فإن الترك المحض لا يُوجب هذا الفرحَ بل ولا الثواب ولا المدح، وليست التوبة تركًا، وإن كان التركُ من لوازمها، وإنما هي فعلٌ وجوديٌّ، يتضمنُ إقبال التائب على ربِّه وإنابتهُ إليه والتزام طاعته، ومن لوازم ذلك ترك ما نهي عنه، ولهذا قال تعالى:
{وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ} [هود: 3]؛
فالتوبة رجوعٌ مما يكره إلى ما يحبُّ، وليست مجرد الترك؛ فإن من ترك الذنب تركًا مجردًا ولم يرجع