{لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 300
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الكتاب: الفوائد [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)] المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) المحقق: محمد عزير شمس راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت) الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم) عدد الصفحات: 300 قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18) الفوائد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق محمد عزير شمس إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
فاتَّخَذَتا هناك عُشًّا جعل على أبصار الطالبين غِشاوةً (1) ، وهذا أبلغُ في الإعجاز من مقاومة القوم بالجنود.
فلمَّا وقف القومُ على رؤوسهم، وصار كلامُهم بسَمْعِ الرسول -صلى الله عليه وسلم- والصِّدِّيق؛ قال الصِّدِّيقُ وقد اشتدَّ به القلقُ: يا رسول الله! لَو أنَّ أحدَهم نظرَ إلى ما تحتَ قدميه لأبصَرنَا تحتَ قدمَيْهِ. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا أبا بكر! ما ظنُّك باثنينِ اللهُ ثالثُهُما؟ " (2) .
لما رأى الرسول حزنَه قد اشتدَّ -لكن لا على نفسه- قَوَّى قلبَه ببشارة
{لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]
، فظهَر سِرُّ هذا الاقترانِ في المعيَّة لفظًا كما ظهر حكمًا ومعنى؛ إذ يُقالُ: رسول الله وصاحبُ رسول الله، فلما مات قيل: خليفةُ رسولِ الله، ثمَّ انقطعتْ إضافةُ الخلافةِ بموته، فقيل: أميرُ المؤمنين (3) .
فأقاما في الغار ثلاثًا، ثم خرجا منه ولسانُ القدرِ يقولُ: لتدخُلنَّها دُخولًا لم يَدْخُله أحدٌ قبلك ولا ينبغي لأحدٍ من بعدك.
فلما استقلَّا على البيداء لَحِقَهما سُراقةُ بن مالك، فلما شارفَ الظفَر أرسل عليه الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- سهمًا من سِهام الدُّعاء، فساخَتْ قوائمُ فرسِه في الأرض إلى بطنها (4) ، فلما علم أنه لا سبيلَ له عليهما أخذ