
[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أولها: أول الكتاب. وآخرها: آخر الكتاب، ثم كتب الناسخ: «تم الكتاب بحمد الله وعونه في خامس شهر شعبان المبارك سنة ثمانٍ وخمسين وسبعمائة على يد العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن عثمان بن محمد بن سلمان الزرعي الدمشقي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين، ولمن نظر فيه ودعا لكتابه بالمغفرة والرحمة، حامدًا لله تعالى ومصليًا على رسوله محمدٍ وآله وصحبه، وحسبنا الله ونعم الوكيل». واتبع الناسخ نظام التعقيبة أحيانًا. وكُتب على بعض حواشي ورقاتها تعليقات، لم نجد كبير فائدة في الإشارة إليها. وعلى لوحة العنوان تملكات ومطالعات كثيرة. وهي نسخة في غاية الجودة، كثيرٌ من كلماتها مشكولٌ، وقد نفعنا الله بها في تصحيح كثيرٍ من التصحيفات واستدراك كثيرٍ من السقوطات، وللأسف قد ضاع منها عدة كراسات موضعها بين الورقتين الثانية والثلاثين والثالثة والثلاثين، وقد تبين لي أن هذه النسخة هي أصل كل النسخ التي وقفت عليها للمختصر ـ فقد انتقل هذا السقط منها إلى كل المخطوطات الأخرى، ومن ثم وقع هذا السقط في طبعات المختصر جميعها. وقد رمزت لهذه النسخة بحرف «م». * * * * *
بسم الله الرحمن الرحيم
ربِّ يسِّر بفضلك يا كريم، وصلَّى الله على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم أجمعين (1).
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلَّا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، الموصوف بصفات الجلال، المنعوت بنعوت (2) الكمال، المُنزَّه عمَّا يضاد كماله مِن سلبِ حقائق أسمائه وصفاته، المستلزم لوصفه (3) بالنقائص وشبه (4) المخلوقين، فنفْيُ حقائق أسمائه وصفاته متضمِّنٌ للتعطيل والتشبيه، وإثباتُ حقائقها على وجه الكمال الذي لا يستحقه سواه هو حقيقة التوحيد والتنزيه، فالمُعطِّلُ جاحدٌ لكمال المعبود، والمُمثِّلُ مشبِّهٌ له بالعبيد، والمُوحِّدُ مُثبِتٌ (5) لحقائق أسمائه وكمال أوصافه، وذلك قُطب رَحَى التوحيد، فالمُعطِّل يعبد عدمًا، والمُمثِّل يعبد صنمًا، والمُوحِّد يعبد ربًّا ليس كمثله شيءٌ، له الأسماء الحُسنى والصِّفات العُلى، وسع كلَّ شيءٍ رحمةً وعلمًا.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وحُجته على عباده، فهو رحمته المهداة إلى العالمين، ونعمته التي أتمَّها على أتباعه من المؤمنين، أرسله على حين فترةٍ من الرُّسل، ودروسٍ من الكتب،