
[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أهل الحديث أبو القاسم بن عساكر؛ فإنه اعتمد على هذا الكتاب وجعله من أعظم مناقبه في كتاب «تبيين كذب المفتري». وقوله (ص 337) عن «الأحاديث المختارة» للضياء المقدسي: «هي أصح من صحيح الحاكم». ولما نقل عن الحميدي فصلًا من كلام أبي محمد بن حزم في أسباب اختلاف الأئمة قال (ص 270): «وهو من أحسن كلامه». وقوله (ص 507) عن المِجَسْطي لبطليموس: «فيه قضايا كثيرة لا يقوم عليها دليلٌ صحيحٌ، وقضايا ينازعه فيها غيره، وقضايا مبنية على أرصاد منقولة عن غيره تقبل الغلط والكذب، وفيه قضايا برهانية صادقة». - وقد ظهر في الكتاب جليًّا محبة الإمام ابن القيِّم للعلم وحرصه على تحصيله، حتى قال (ص 642): «ولو نعلم أن في الأرض من يقول ذلك ويقوم به تبلغ إليه أكباد الإبل لاقتدينا بالمسير إليه بموسى في سفره إلى الخضر، وبجابر بن عبد الله في سفره إلى عبد الله بن أُنيسٍ لسماع حديثٍ واحدٍ، ولكن أزهد النَّاس في عالمٍ قومه». - وقد انتفع ابن القيِّم في هذا الكتاب بشيخ الإسلام ابن تيمية وبكتبه عامةً وبكتابه «درء تعارض العقل والنقل» خاصةً. والكتاب يُظهِر أن الإمام ابن القيِّم -رحمه الله تعالى- «تفنن في علوم الإسلام، وكان عارفًا بالتفسير لا يُجارى فيه، وبأصول الدِّين، وإليه فيهما المنتهى، والحديث ومعانيه وفقهه ودقائق الاستنباط منه، لا يُلحق في ذلك، وبالفقه وأصوله وبالعربية، وله فيها اليد الطُّولى، وتعلم الكلام والنَّحو وغير ذلك، وكان عالمًا بعلم السُّلوك وكلام أهل التَّصوف وإشاراتهم ودقائقهم، له
بسم الله الرحمن الرحيم
ربِّ يسِّر بفضلك يا كريم، وصلَّى الله على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم أجمعين (1).
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلَّا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، الموصوف بصفات الجلال، المنعوت بنعوت (2) الكمال، المُنزَّه عمَّا يضاد كماله مِن سلبِ حقائق أسمائه وصفاته، المستلزم لوصفه (3) بالنقائص وشبه (4) المخلوقين، فنفْيُ حقائق أسمائه وصفاته متضمِّنٌ للتعطيل والتشبيه، وإثباتُ حقائقها على وجه الكمال الذي لا يستحقه سواه هو حقيقة التوحيد والتنزيه، فالمُعطِّلُ جاحدٌ لكمال المعبود، والمُمثِّلُ مشبِّهٌ له بالعبيد، والمُوحِّدُ مُثبِتٌ (5) لحقائق أسمائه وكمال أوصافه، وذلك قُطب رَحَى التوحيد، فالمُعطِّل يعبد عدمًا، والمُمثِّل يعبد صنمًا، والمُوحِّد يعبد ربًّا ليس كمثله شيءٌ، له الأسماء الحُسنى والصِّفات العُلى، وسع كلَّ شيءٍ رحمةً وعلمًا.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وحُجته على عباده، فهو رحمته المهداة إلى العالمين، ونعمته التي أتمَّها على أتباعه من المؤمنين، أرسله على حين فترةٍ من الرُّسل، ودروسٍ من الكتب،