
[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مكذوبٍ موضوعٍ في إسناده من لا يُدرى من أي الدوابِّ هو، كشيحة الذي لا ذكر له في شيءٍ من كتب الحديث، ولعل بعض الوضاعين نسبه إلى واحد الشِّيح. والحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وقد سُئل أين الله؟ فقال: «لَا يُقَالُ أَيْنَ لِمَنْ أَيَّنَ الْأَيْنَ». فعارض هذا الأحاديث الصحيحة المستفيضة التي نطق فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأين، وأقرَّ على إطلاقها بهذا الحديث الركيك الذي يستحيي من التكلُّم به آحاد الناس، فضلًا عن سيِّد ولد آدم». وقوله (ص 723): «ولهذا لمَّا علم هؤلاء أنه يستحيل كتمان ذلك عن خواصه وضعوا أحاديث بيَّنوا فيها أنه كان له خطابٌ مع خاصَّته غير الخطاب العامِّي، مثل الحديث المُختلق المُفترى عن عمر أنه قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحدث مع أبي بكر وكنت كالزنجي بينهما». - وأكثر ابن القيِّم من الاستشهاد بأقوال السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، وقد نقل كثيرًا منها من كتاب «خلق أفعال العباد» للإمام البخاري. - وكذلك استشهد بكثير من الأشعار، وذكر بعض الأشعار للرد عليها، وكان أحيانا يسمي منشدها، وأحيانًا يغفل ذكره، وقد ترجح لي أن بعض هذه الأشعار للإمام ابن القيِّم نفسه، كما في (ص 372، 617 - 619). - وجمع ابن القيِّم بين المنقول والمعقول، ممَّا أعانه على تمييز صحيح الأقوال والآراء والمذاهب من ضعيفها وحقها من باطلها، وهذا ظاهر في الكتاب. - وحرَّر ابن القيم في كل مسألة موضع النزاع وبيَّن معاني المصطلحات المجملة؛ وأظهر ما حوته من المعاني الصحيحة والباطلة، وأعانه على ذلك
بسم الله الرحمن الرحيم
ربِّ يسِّر بفضلك يا كريم، وصلَّى الله على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم أجمعين (1).
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلَّا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، الموصوف بصفات الجلال، المنعوت بنعوت (2) الكمال، المُنزَّه عمَّا يضاد كماله مِن سلبِ حقائق أسمائه وصفاته، المستلزم لوصفه (3) بالنقائص وشبه (4) المخلوقين، فنفْيُ حقائق أسمائه وصفاته متضمِّنٌ للتعطيل والتشبيه، وإثباتُ حقائقها على وجه الكمال الذي لا يستحقه سواه هو حقيقة التوحيد والتنزيه، فالمُعطِّلُ جاحدٌ لكمال المعبود، والمُمثِّلُ مشبِّهٌ له بالعبيد، والمُوحِّدُ مُثبِتٌ (5) لحقائق أسمائه وكمال أوصافه، وذلك قُطب رَحَى التوحيد، فالمُعطِّل يعبد عدمًا، والمُمثِّل يعبد صنمًا، والمُوحِّد يعبد ربًّا ليس كمثله شيءٌ، له الأسماء الحُسنى والصِّفات العُلى، وسع كلَّ شيءٍ رحمةً وعلمًا.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وحُجته على عباده، فهو رحمته المهداة إلى العالمين، ونعمته التي أتمَّها على أتباعه من المؤمنين، أرسله على حين فترةٍ من الرُّسل، ودروسٍ من الكتب،