{كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ اِلْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اَللَّهُ}

[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
بما لم يأت به غيره، وساق ما ينشرح له صدور الرَّاغبين في أخذ مذاهبهم عن الدَّليل».
وأمَّا الأدلة الخارجية فكثيرة، منها:
الأول: أن الإمام ابن القيِّم نفسه أحال عليه في عدة كتبٍ من كتبه المشهورة:
منها: قوله في «مدارج السالكين» (4/ 306): «وكذلك كان تأويل آيات الصفات وأحاديثها بما يخرجها عن حقائقها من جنس تأويل آيات المعاد وأخباره، بل أبعد منه لوجوهٍ كثيرةٍ، ذكرتها في كتاب «الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة».
ومنها: قوله في «إغاثة اللهفان» (2/ 526): «وقد دل على هذا نسبة الله سبحانه ذلك الكيد إلى
{كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ اِلْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اَللَّهُ}
[يوسف: 76]
وهو سبحانه ينسب إلى نفسه أحسن هذه المعاني، وما هو منها حكمة وحق وصواب، وجزاء للمسيء، وذلك غاية العدل والحق ... كما قد بسطنا هذا المعنى واستوفينا عليه الكلام في كتاب «الصواعق». ومنها: قوله في «الكافية الشافية» (ص 517): عشرون وجهًا تبطل التأويل باسـ ... ـتولى ف لا تخرج عن القرآن قد أفردت بمصنف هو عندنا ... تصنيف حبر عالم رباني ولقد ذكرنا أربعين طريقة ... قد أبطلت هذا بحسن بيان هي في «الصواعق» إن ترد تحقيقها ... لا تختفي إ لا على العميان
بسم الله الرحمن الرحيم
ربِّ يسِّر بفضلك يا كريم، وصلَّى الله على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم أجمعين (1).
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلَّا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، الموصوف بصفات الجلال، المنعوت بنعوت (2) الكمال، المُنزَّه عمَّا يضاد كماله مِن سلبِ حقائق أسمائه وصفاته، المستلزم لوصفه (3) بالنقائص وشبه (4) المخلوقين، فنفْيُ حقائق أسمائه وصفاته متضمِّنٌ للتعطيل والتشبيه، وإثباتُ حقائقها على وجه الكمال الذي لا يستحقه سواه هو حقيقة التوحيد والتنزيه، فالمُعطِّلُ جاحدٌ لكمال المعبود، والمُمثِّلُ مشبِّهٌ له بالعبيد، والمُوحِّدُ مُثبِتٌ (5) لحقائق أسمائه وكمال أوصافه، وذلك قُطب رَحَى التوحيد، فالمُعطِّل يعبد عدمًا، والمُمثِّل يعبد صنمًا، والمُوحِّد يعبد ربًّا ليس كمثله شيءٌ، له الأسماء الحُسنى والصِّفات العُلى، وسع كلَّ شيءٍ رحمةً وعلمًا.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وحُجته على عباده، فهو رحمته المهداة إلى العالمين، ونعمته التي أتمَّها على أتباعه من المؤمنين، أرسله على حين فترةٍ من الرُّسل، ودروسٍ من الكتب،