
[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق حسين بن عكاشة بن رمضان تخريج حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
تلازمٌ من الطرفين.
وبيان ذلك هاهنا أنه إذا كان العقل هو الأصل الذي به عُرف صحة السمع ـ كما تقدم (1) ـ وقد بيَّنا أن العقل ليس أصلًا للسمع في ثبوته في نفس الأمر، بل هو أصلٌ في ثبوت علمنا (2)، أي: دليل لنا على صحته. وإذا كان كذلك فمن المعلوم أن الدليل يجب طرده، وهو ملزوم للمدلول عليه، فيلزم من ثبوت الدليل ثبوت المدلول عليه، ولا يجب عكسه، فلا يلزم من عدم الدليل عدم المدلول، فإن المخلوقات آيات ودلائل على الخالق سبحانه يلزم من ثبوتها ثبوته، ولا يلزم من عدمها عدمه، ولا من وجوده وجودها، وكذلك الآيات الدَّالة على نبوة رسله. هذا إذا لم يكن الدليل لازمًا للمدلول عليه، فإن كان لازمًا أمكن أن يكون مدلولًا له؛ إذ المتلازمان يمكن أن يستدل بكلٍّ منهما على الآخر، مثل الحكم الشرعي الذي لا يثبت إلَّا بدليلٍ شرعيٍّ، فإنه يلزم من عدم دليله عدمه، وكذلك ما تتوفر الهمم والدواعي على نقله إذا لم يُنقل فإنه يلزم من عدم نقله عدمه، وإذا كان من المعقول ما هو دليلٌ على صحة الشرع لزم من ثبوت ذلك المعقول ثبوت الشرع، ولم يلزم من ثبوت الشرع ثبوته في نفس الأمر.
لكن نحن إذا لم يكن لنا طريقٌ إلى العلم بصحة الشرع إلَّا ذلك العقل لزم من علمنا بالشرع علمنا بدليله العقلي الدَّال عليه، ولزم من علمنا بذلك الدليل العقلي علمنا به، فإن العلم بالدليل يستلزم العلم بالمدلول عليه. فإذا كان صحة الشرع لا تعلم إلَّا بدليلٍ عقليٍّ فإنه يلزم من علمنا بصحة الشرع