
[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق حسين بن عكاشة بن رمضان تخريج حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
بِي مَا لَمْ أُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا. وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ» (1).
فكان أهل العقول كلهم في مقته إلَّا بقايا متمسكين بالوحي، فلم يستفيدوا بعقولهم حين فقدوا نور الوحي إلَّا عبادة الأوثان أو الصلبان أو النيران أو الكواكب والشمس والقمر، أو (2) الحيرة والشك، أو السحر، أو تعطيل الصَّانع والكفر به، فاستفادوا بها مقت الربِّ سبحانه لهم، وإعراضه عنهم.
فأطلع الله شمس الرِّسالة في تلك الظُّلَم سراجًا منيرًا، وأنعم بها على أهل الأرض في عقولهم وقلوبهم، ومعاشهم ومعادهم، نعمة لا يستطيعون لها شكورًا ـ فأبصروا بنور الوحي ما لم يكونوا بعقولهم يبصرونه، [ق 74 ب] ورأوا في ضوء الرِّسالة ما لم يكونوا بآرائهم يرونه. فكانوا كما قال الله تعالى: {اِللَّهُ وَلِيُّ اُلَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ اَلظُّلُمَاتِ إِلَى اَلنُّورِ} [البقرة: 255] وقال: {الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ اَلنَّاسَ مِنَ اَلظُّلُمَاتِ إِلَى اَلنُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ اِلْعَزِيزِ اِلْحَمِيدِ} [إبراهيم: 1 - 2] وقال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا اَلْكِتَابُ وَلَا اَلْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: 49] وقال: {أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي اِلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي اِلظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا} [الأنعام: 123].
فمضى الرعيل الأول في ضوء ذلك النُّور لم تطفئه عواصف الأهواء،