[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق حسين بن عكاشة بن رمضان تخريج حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
لا سيما في باب التوحيد والأسماء والصفات، فإن التوراة مطابقةٌ للقرآن في ذلك موافقةٌ له، وهذا يدل على أن ما في التوراة من ذلك ليس هو من المُبَدَّل المُحَرَّف الذي أنكره الله عليهم، بل هو من الحق الذي شهد له القرآن (1) وصدَّقه.
ولهذا لم يُنكر النَّبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم ما في التوراة من الصِّفات، ولا عابهم به، ولا جعله تشبيهًا وتجسيمًا وتمثيلًا، كما فعل كثيرٌ من النُّفاة، وقالوا: اليهود أُمة التشبيه والتجسيم. ولا ذنب لهم في ذلك، فإنهم قرؤوا (2) ما في التوراة، فالذي عابهم الله به من تأويل التحريف والتبديل لم يَعِبْهم به المعطلة النُّفاة؛ بل شاركوهم فيه، والذي استشهد الله سبحانه على نبوة رسوله به من موافقة ما عندهم من التوحيد والصفات، عابوهم به ونسبوهم فيه إلى التجسيم والتشبيه. وهذا ضدُّ ما كان عليه الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فإنهم كانوا إذا ذكروا له شيئًا من هذا ـ الذي تُسميه المعطلة تجسيمًا وتشبيهًا ـ صدَّقهم عليه وأقرَّهم ولم يُنكره، كما صدَّقهم في خبر الحبر المتفَق على صحته من حديث عبد الله بن مسعودٍ، وضحك [ق 71 ب] تعجبًا وتصديقًا له (3)، وفي غير ذلك.
ثم قال: {وَتَمَّتْ كَلِمَاتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} [الأنعام: 116] فقرَّر (4) أن ما أخبر به فهو صدقٌ، وما أمر به فهو عدلٌ. وهذا يُبيِّن (5)